responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 106
أَيْ نِيَّةِ عِبَادَةٍ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ كَوُضُوءٍ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ امْتِثَالِ أَمْرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَطْلَبٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَالْقُرْبَةِ وَالْعِبَادَةِ
(قَوْلُهُ: أَيْ نِيَّةِ عِبَادَةٍ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالطَّاعَةِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ مَسِّ الْمُصْحَفِ، فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَنَّ الطَّاعَةَ فِعْلُ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ تَوَقَّفَ عَلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا، عُرِفَ مَنْ يَفْعَلُهُ لِأَجْلِهِ أَوْ لَا. وَالْقُرْبَةُ فِعْلُ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَنْ يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ. وَالْعِبَادَةُ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، فَنَحْوُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ مِنْ كُلِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَعِبَادَةٌ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ لَا عِبَادَةٌ، وَالنَّظَرُ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَةٌ لَا قُرْبَةٌ وَلَا عِبَادَةٌ اهـ وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَاهُ حَمَوِيٌّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ قُرْبَةً لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَحْصُلُ بَعْدَهُ وَلَا عِبَادَةَ لِعَدَمِ التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ) الْأَوْلَى لَا تَحِلُّ، كَمَا فِي الْفَتْحِ؛ لِيَشْمَلَ مِثْلَ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ. اهـ. ح.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ مَسَّ الْمُصْحَفِ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لَهُ لَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ الْمَسْنُونَةَ فِي الْوُضُوءِ هِيَ الْمَشْرُوطَةُ فِي التَّيَمُّمِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيِّ: وَبَيَانُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ عِنْدَنَا بِالْوُضُوءِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْوِيًّا، وَإِنَّمَا تُسَنُّ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ لِيَكُونَ عِبَادَةً، فَإِنَّهُ بِدُونِهَا لَا يُسَمَّى عِبَادَةً مَأْمُورًا بِهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ صَحَّتْ بِهِ الصَّلَاةُ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِهِ فَالنِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ عِبَادَةً، وَفِي التَّيَمُّمِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِهِ. وَلَمَّا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ الْمَنْوِيِّ بِهِ اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ عُلِمَ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَنْوِيَّ بِهِ ذَلِكَ لَيْسَ عِبَادَةً؛ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ عَنْ عَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ كَوْنِ ذَلِكَ الْوُضُوءِ عِبَادَةً لِأَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ أَقْوَى، عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ ضَرُورِيَّةٌ فَيُحْتَاطُ فِي شُرُوطِهَا؛ وَلِذَا شَرَطُوا فِي التَّيَمُّمِ نِيَّةَ عِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ كَوْنَ الْعِبَادَةِ مَقْصُودَةً غَيْرُ شَرْطٍ فِي النِّيَّةِ الْمَسْنُونَةِ لِلْوُضُوءِ فَيَدْخُلُ مِثْلُ مَسِّ الْمُصْحَفِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: كَوُضُوءٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْوُضُوءَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ لَيْسَا عِبَادَةً لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِمَا عَلَى النِّيَّةِ عِنْدَنَا بَلْ هُمَا قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ كَمَا عَلِمْت، عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّا لَا يَحِلُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ كَمَا أَفَادَهُ ح؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ عَيْنُ الطَّهَارَةِ وَرَفْعُ الْحَدَثِ، وَكَذَا امْتِثَالُ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ لَازِمَانِ مِنْ لَوَازِمِ وُجُودِهَا، فَقَوْلُهُ: كَوُضُوءٍ لَيْسَ تَمْثِيلًا لِلْعِبَادَةِ بَلْ تَنْظِيرٌ لِلْمَنْوِيِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَصْوَبَ أَنْ يَقُولَ أَوْ وُضُوءٌ بِالْعَطْفِ عَلَى عِبَادَةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَأَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ نِيَّةَ الطَّهَارَةِ لَا تَكْفِي فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ، وَكَأَنَّهُ لِأَنَّهَا مُتَنَوِّعَةٌ إلَى إزَالَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَلَمْ يَنْوِ خُصُوصَ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى، فَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ كَفَى؛ لِأَنَّهُ وَرَفْعَ الْحَدَثِ سَوَاءٌ، بَلْ هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ يَشْمَلُ الْغُسْلَ فَكَانَ الْوُضُوءُ أَوْلَى اهـ.
لَا يُقَالُ: تَنَوُّعُ رَفْعِ الْحَدَثِ إلَى الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَالطَّهَارَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: تَنَوُّعُهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْغُسْلَ فِي ضِمْنِهِ وُضُوءٌ فَلَمْ يَكُنْ نَاوِيًا خِلَافَ مَا أَرَادَ بِخِلَافِ تَنَوُّعِ الطَّهَارَةِ، فَافْهَمْ، وَقَدْ مَشَى الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الطَّهَارَةِ وَوَافَقَهُ فِي السِّرَاجِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَعِنْدَ الْبَعْضِ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ تَكْفِي.
أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي تَيَمُّمِ الْبَدَائِعِ عَنْ الْقُدُورِيِّ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ أَجْزَأَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ، لَكِنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالتُّرَابِ لَا تَتَنَوَّعُ بِخِلَافِهَا بِالْمَاءِ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ أَيْضًا أَنَّ نِيَّةَ التَّيَمُّمِ لَا تَكْفِي لِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي النَّوَادِرِ وَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ، بَلْ الْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ نِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ. اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست