القول في وقت صلاة العشاء:
قال الرافعي: إذا غاب الشفق دخل وقت العشاء، لما روينا من [خبر] [1] جبريل عليه السلام: "والشَّفَقُ هُوَ الْحُمْرَةُ" [2] وبه قال مالك وأحمد خلافاً لأبي حنيفة والمزني، حيث قال: هو البياض الذي يعقب الحمرة، ويروى عن أحمد أن الاعتبار في الصحراء بالحمرة، وفي البنيان بالبياض.
لنا: ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: في الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ فَإذَا غَابَ الشَّفَقُ وَجَبَتِ الصَّلاَةُ". وإلى متى يمتد وقت الاختيار؟ فيه قولان.
أصحهما: إلى ثلث الليل لبيان جبريل عليه السلام.
والثاني: إلى نصف الليل.
وبه قال أبو حنيفة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرتُهُمْ بالسَّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ، وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ" [3]. وعن أحمد روايتان، كالقولين ثم يستمر وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني. وفيه وجه آخر: أنه إذا ذهب وقت الاختيار على اختلاف القولين فقد ذهب وقت الجواز أيضاً، أما على قول: "الثلث" فلحديث جبريل عليه السلام حيث قال: "الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ".
وأما على قول النصف فلما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَقْتُ الْعِشَاءِ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ" [4]، إلى هذا الوجه ذهب الإصطخري، وكذلك أبو بكر الفارسي فيما حكى المعلق عن الشيخ أبي محمد، والمذهب الأول.
واحتجوا له بما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصَّبْحَ فَلْيُوتِرْ بِرَكْعَةٍ" [5]. [1] في أحديث. [2] قال ابن الملقن: رواه الدارقطني، وقال في غرائب حديث مالك هذا حديث غريب، وكل من رواته ثقات، وقال الحاكم واليهقي: الصحيح وقفه على ابن عمر انظر الخلاصة (2/ 88). [3] تقدم. [4] أخرجه مسلم (612) من رواية عبد الله بن عمر. [5] أخرجه البخاري (473 - 990) ومسلم (749).
اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 372