اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 334
وجهاً، أنها تصبر إلى سن اليأس ثم تعتد بالأشهر؛ لأن من المحتمل تباعد الحيض ونحن نفرع عى قول الاحتياط فنأخذ في كل حكم بالأسوأ، والذي صار إليه المعظم ورواه صاحب الكتاب أن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر؛ لأن الغالب أن يكون للمرأة في كل شهر حيضة، وحمل أمرها على تباعد الحيض وتكليفها الصَّبر إلى سن اليأس فيه مشقة عظيمة وضرر بين، فلا وجه لاحتماله بتجويز مجرد على خلاف الغالب بخلاف العبادات فإن المشقة فيها أهون، ثم في كيفية اعتدادها بالأشهر كلام ذكره في كتاب "العِدَّة". واعلم أن إمام الحرمين -قدّس الله روحه- مال إلى رد المتحيرة إلى المبتدأة في قدر الحيض، وإن لم يجعل أول الهلال ابتداء دورها، ومما استشهد به هذه المسألة. فقال: اتفاق معظم الأصحاب على أنها تعتد بثلاثة أشهر يدل على تقريب أمرها من المبتدأة في عدد الحيض والطهر، والمعنى القاضي برد المبتدأة إلى الأقل، والغالب يقضي بمثل ذلك في المتحيرة، فوجب القول به وهذا توسط بين القول الضّعيف، وبين الاحتياط التام، وفيه تخفيف الأمر عليها في المحسوب من رمضان، فإن غاية حيضها على هذا التقدير يكون سبعة، وأقصى ما يفرض انبساطه على ثمانية أيام، فيصبح لها من الشهر الكامل اثنان وعشرون يوماً، وكذلك في قضاء الصوم والصلاة فيكفيها على هذا التقدير إذا كانت تقضي صوم يوم أن تصوم يومين بينهما سبعة أيام، لكن الذي عليه جمهور الأصحاب ما تقدم، وبالله التوفيق.
قال الغزالي: الحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَحْفَظَ شَيْئًا كَمَا لَوْ حَفِظَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الدَّمِ كَانَ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ، فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ حَيْضٌ بِيَقِينِ، وَبَعْدَهُ يَحْتَمِلُ الانْقِطَاعَ إِلَى انْقِضَاءِ الخَامِسَ عَشَرَ وَتَغْتَسِل لِكُلِّ صَلاَةٍ، وَبَعْدَهُ إِلَى آخِرِ الشَّهْرِ طُهْرٌ بِيَقِينٍ فَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ، وَلَو حَفِظَتْ أَنَّ الدَّمَ كَانَ يَنْقَطِعُ عِنْدَ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ، فَأوَّلُ الشَّهْرِ إِلَى النِّصْفِ طُهْرٌ بِيَقِينٍ، ثُمَّ بَعْدَهُ يَتَعَارَضُ الاحْتِمَالُ وَلاَ يَحْتَمِلُ الانْقِطَاعَ؛ لِأَنَّ فِي آخِرِهِ حَيْضاً بِيَقِينِ فَتَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي إِلَى انْقِضَاءِ التَّاسِعِ وَالعِشْرِينَ، وَالْيَومُ الأَخِيرُ بِلَيْلَتِهِ حَيْضٌ بِيَقِينٍ.
قال الرافعي: إذا حفظت الناسية من عادتها شيئاً ونسيت شيئاً، فالقول الجملي فيها أن الزمان الذي تتيقن فيه الحيض تثبت فيه أحكام الحيض، وكل زمان، تتيقن فيه الطهر تثبت فيه أحكام الطهر، نعم، لها حدث دائم، وكل زمان يحتمل الحيض والطهر فهي في الاستمتاع كالحائض، وفي لزوم العبادات كالطاهر، ثم إن كان ذلك الزمان محتملاً للانقطاع أيضاً فعليها أن تغتسل لكل فريضة، ويجب الاحتياط على ما يقتضيه الحال. وإذا عرفت هذه المقدمة فنقول: ذكرنا أن الناسية إذا لم تنس القدر والوقت جميعاً وحفظت شيئاً، فمحفوظها إما أن يكون الوقت، وإما أن يكون القدر. أو شيء منه فجعل الحالة الأولى من الحالتين الأخريين في القسم الأول، والثانية منهما في القسم الثاني.
اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 334