اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 173
الكتاب، لكن للمتأمل وقفة عند قوله: "فإذا أخبر لا يقبل رجوعه إلا إذا كذبه الحِسِّ" لأن ظاهر الاسْتِثْنَاء يقتضي قبول الرجوع عند الوِلاَدة، وإذا ولدت فلا عبرة بالرُّجُوع، ولا معنى له، بل يبطل الحكم السابق سواء، وجد الرجوع أم لا، وكأنه أراد أن لا يقبل رجوعه، ويجري عليه حكم قوله الأول، إلا أن يكذبه الحس بالولادة، فالاستثناء يرجع إلى إجزاء حكم القول الأول عليه، لا إلى عدم قبول الرجوع، وكذلك أورد إمام الحرمين -رحمه الله- هذه اللفظة.
الخامس: ذكرنا أن الاختيار إنما يرجع إليه عند فقد الأمارات الظاهرة، فلو رجعنا إليه لفقدها، ثم وجد بعض تلك الأمَارَات يجوز أن يقال: لا نُبَالِي به ونستصحب الحكم الأول، إلا أن توجد دَلاَلَةٌ قاطعة [1] وهذا قضية قوله: (إلا أن يكذبه الحس) إذا قدرنا عَوْدَ الاستثناء إلى ما بيَّناه، ويجوز أن يقال: يعدل إلى الأمارة الظاهرة، ويحكم بها كما إذا تداعى اثْنَانِ مَوْلُودًا، ولم يكن قائفًا [2] فانتسب بعد البلوغ، واختار ثم وجدنا القائف تقدم القِيَافَةِ على اختياره -والله أعلم-.
قال الغزالي: الفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الحَدَثِ وَهُوَ المَنْعِ مِنَ الصَّلاَةِ وَمَسِّ المُصْحَفِ وَحَمْلِهِ وَيَسْتَوِي (ح) فِي المَسِّ الجَلْدُ وَالحَوَاشِي وَمَحِلّ الكِتَابَةِ، وَفِي مَسِّ الخَرِيطَةِ وَالصُّنْدُوقِ (ح) وَالعِلاقةِ وَتَقْلِيب الأَوْرَاقِ بقَضِيب وَحَمْلِ صُنْدُوقٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ سِوَى المُصْحَفِ خِلاَفٌ، وَلاَ يَحْرُمُ مَسُّ كِتَاب الفِقْهِ وَالتَّفْسِير وَالدَّرَاهِمِ المَنْقُوشَةِ، إلاَّ مَا كُتِبَ لِلدرَاسَةِ كَلَوْحِ الصِّبيَانِ (و) وَالأصَحُّ أنَّهُ لاَ يَجِبُ علَى المُعَلِّمِ تكْلِيفُ الصَّبِيِّ المُمَيِّزِ الطَّهَارَةَ لِمَسِّ اللَّوْحِ وَالمُصْحَفِ.
قال الرافعي: المحدث ممنوع من الصلاة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ صَلاةَ إِلاَّ بِطَهَارَةٍ" [3] وكذلك من الطَّوَافِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الطَوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ إِلاَّ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَبَاحِ فيه الْكَلاَمَ" [4]. وَسَجْدَةُ الشكر والتلاوة كالصلاة في أن المحدث ممنوع منهما، ويحرم عليه [1] قال النووي: لو حكمنا بقوله ثم ظهرت علامة غير الحمل، فيحتمل أن يرجع إليها، ويحتمل أن يبقى على قوله. وقال: الاحتمال الثاني هو الصواب، وظاهر كلام الأصحاب، قال أصحابنا: وإذا أخبر بميله عملنا به فيما له وعليه ولا نرده لتهمة، كما لو أخبر صبي ببلوغه للإمكان -والله أعلم- الروضة (1/ 190). [2] القائف: هو متتبع الآثار والأشباه، والجمع قافة كبائع وباعة انظر تحرير التنبيه (303). [3] أخرجه مسلم من رواية ابن عمر مرفوعاً (224) بلفظ (لا تقبل صلاة بغير طهور) والترمذي (1) بلفظ (إلا بطهور) انظر التخيص (1/ 129). [4] أخرجه الدارمي (2/ 44) والترمذي (960) وقال: قد روي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره، عن طاووس عن ابن عباس موقوفاً، وابن خزيمة (2739) وابن حبان (247) والحاكم في =
اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 173