اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 136
الْبَابُ الثَّانِي فِي الاسْتِنْجَاءِ
وَهُوَ وَاجِبٌ، وَفِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةُ
قال الغزالي: الأوَّلُ فِي آدَابِ قَضَاءِ الحَاجَةِ: وَهِيَ أَنْ يَستُرَ عَوْرَتَهُ ولا يُحَاذِيَ بِهَا الشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالقِبْلَةَ واستدْبَاراً وَاسْتِدْبَاراً إِلاَّ إِذَا كلانَ فِي بِنَاءٍ، وَأَنْ لاَ يَجْلِسَ في مُتَحَدَّثِ النَّاسِ وَلاَ عَلَى الشَّوَارعِ.
قال الرافعي: الاسْتِنْجَاء واجب عندنا، خلافاً لأبي حنيفة.
لنا ظاهر قوله -عليه الصلاة والسلام: "وَلْيَسْتَنْجِ أَحَدُكُمْ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ" [1] ونحوه، ثم المحوج إلى الاستنجاء إنما هو قضاء الحاجة؛ فلذلك قدم فصلاً أولاً في آدابه، وذكر منها أموراً:
أحدها: أن يستر عورته عن العيون بشجرة، أو بقية جدار، ونحوهما؛ لما روى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ أَنْ يَجْمَعَ كَثِيباً مِنْ رَملٍ فَلْيَفْعَلْ" [2]، وهذا إذا لم يكن في بِنَاءِ ساتر، وهو أن يكون مسقفاً، أو مَحُوطاً يمكن تَسْقِيفُه، فلو كان في بُسْتَان مَحُوطٍ، وجلس بعيداً عن الجدار أو جلس في عَرْصَةِ دار فَيْحَاء، فهو كما لو جلس في الصحراء، فينبغي أن يستتر بشيء، ثم ليكن الساتر قريباً من مؤخرة الرجل، وليكن بينه وبين الساتر قدر ثلاثة أذرع، فما دونها، ولو أناخ راحلته وتستر بها، أو جلس في وَهْدَةٍ، أو نهر، أو أرخى ذَيْلَهُ حصل الغرض.
الثاني: أَنْ لاَ يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِفَرْجِهِ، فَقَد وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ [3]، ويشترك فيه الصحراء، والبنيان، كذلك ذكره المحاملي.
الثالث: إذا كان في بناء، أو بين يديه ساتِرُ، فالأدب أن لا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، وإذا كان في الصحراء، ولم يستتر بشيء، حرم عليه استقبال القبلة. واستدبارها؛ لما روى: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا ذَهَبَ أَحَدَكُمُ الْغَائِطَ، فَلاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلاَ يَسْتَدْبِرْهَا بِغَائطٍ وَلاَ بَوْلٍ" [4] وروى: أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "لاَ تَسْتَقْبِلُوا [1] أخرجه الشافعي 53، والنسائي 1/ 38، وابن ماجة 313، وأبو داود 8، والدارمي 680، وابن خزيمة 80، وابن حبان 1418، وأبو عوانة 1/ 200، قال الشافعي هو حديث ثابت. [2] أخرجه أبو داود 35، وابن ماجة 337، وابن حبان 1397، والبيهقي 1/ 94، والمستدرك 1/ 158 وانظر التلخيص 1/ 103. [3] انظر التلخيص 1/ 103. [4] أخرجه الشافعي هكذا، ومسلم دون قوله لغائط ولا بول كلاهما من رواية أبي هريرة انظر صحيح مسلم 265.
اسم الکتاب : العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير - ط العلمية المؤلف : الرافعي، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 136