اسم الکتاب : الهداية إلى أوهام الكفاية المؤلف : الإسنوي الجزء : 20 صفحة : 401
((النهاية))، فإنه قال فيها ما نصه: إذا قال لغيره: أد ديني، وقلنا: لا يثبت الرجوع إذا لم يقيد- ففي امتناع مستحق الدين عن القبول وجهان:
أحدهما: ليس له الامتناع، وهو الأشهر، فإن المؤدي مستناب من جهة الآذن، وليس لمستحق الدين تخير في عين المؤدى.
والوجه الثاني: له الامتناع، فإنه إذا كان لا يملك الرجوع فالمدفوع إلى مستحق الدين يقع فداء أو موهوبًا: فإن كان فداء لم يلزمه القبول كما لو كان الأداء بغير إذنه، وإن كان المؤدى في حكم الموهوب ممن عليه فالهبة إنما يثبت الملك فيها بالقبض، ولمستحق الدين أن يقول: لست أجلب ملكًا لمن عليه الدين بيدي، ولا يلزمني ذلك. هذا كلامه ومخالفته لما قاله الرافعي ظاهرة، ثم ذكر- أعني الإمام- بعده كلامًا آخر، فقال: وإذا لم يبعد إلزامه تحصل الملك للمؤدى عنه مع افتراض عوضه باشتراط الرجوع، لم يبعد إلزامه قبض ما يقدر موهوبًا في حق المديون، وهذه الزيادة- أيضًا- لا تحقق ما قاله المصنف، فإن غايته أنه ذكر بحثًا في اللزوم على القول بأن هبة، بعد أن جزم بعدمه تفريعًا عليه، وجعل مستند عدم اللزوم شيئًا آخر.
قوله: ثم محل الخلاف- أي في ضمان الثمن في مدة الخيار- إذا كان الخيار للمشتري وحده أو لهما، أما إذا كان للبائع وحده صح وجهًا واحدًا، صرح به المتولي. انتهى كلامه.
واعلم أن هذا النقل مذكور في ((التتمة)) على ما نقله المصنف، لكن قد تقدم في البيع في الكلام على أقوال الملك في زمن الخيار: أن الثمن والمبيع لا يجتمعان في ملك شخص واحد، بل حيث قلنا: إن الملك في المبيع للمشتري، فالثمن للبائع، وإن قلنا: للبائع، فالثمن للمشتري، وإن قلنا: موقوف، فموقوف، وتقدم- أيضًا- أن هذه الأقوال الثلاثة جارية سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما، إلا أن الصحيح أنه إذا كان الخيار لأحدهما كان الملك له، وقيل: محل الخلاف إذا كان لهما، فإن كان لأحدهما فالملك له قطعا. وعلى هذا: فإذا كان الخيار للبائع كان الملك في المبيع له: إما بلا خلاف، وإما على الصحيح، وحينئذ فلا ثمن على المشتري قطعًا، أو على الراجح، فضلًا عن كونه لازمًا، فكيف يتصور أن يقال فيه بصحة الضمان بلا خلاف مع حكاية الخلاف في عكسه؟! وبذلك يظهر أن هذه الطريقة قد انعكست على صاحب ((التتمة)).
اسم الکتاب : الهداية إلى أوهام الكفاية المؤلف : الإسنوي الجزء : 20 صفحة : 401