responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 99
فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَطْهُرُ بِدِبَاغِهِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْآنِيَةِ وَمَا يَمْتَنِعُ (وَجُلُودُ) الْحَيَوَانَاتِ (الْمَيِّتَةِ) كُلِّهَا (تَطْهُرُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (بِالدِّبَاغِ) وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الدَّابِغِ عَلَيْهِ بِنَحْوِ رِيحٍ أَوْ بِإِلْقَائِهِ عَلَى الدَّابِغِ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» وَالظَّاهِرُ مَا لَاقَى الدَّابِغَ وَالْبَاطِنُ مَا لَمْ يُلَاقِ الدَّابِغَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَيِّتَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ أَمْ لَا.
كَمَا يَقْتَضِيه عُمُومُ الْحَدِيثِ. وَالدَّبْغُ نَزْعُ فُضُولِهِ وَهِيَ مَائِيَّتُهُ وَرُطُوبَتُهُ الَّتِي يُفْسِدُهُ بَقَاؤُهَا وَيُطَيِّبُهُ نَزْعُهَا بِحَيْثُ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ النَّتْنُ وَالْفَسَادُ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِحِرِّيفٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّاهِرِ كَمَا ذُكِرَ وَالنَّجِسِ كَذَرْقِ الطُّيُورِ، وَلَا يَكْفِي التَّجْمِيدُ بِالتُّرَابِ وَلَا بِالشَّمْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْزِعُ الْفُضُولَ، وَإِنْ جَفَّ الْجِلْدُ وَطَابَتْ رَائِحَتُهُ لِأَنَّ الْفَضَلَاتِ لَمْ تَزَلْ، وَإِنَّمَا جَمَدَتْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ عَادَتْ إلَيْهِ الْعُفُونَةُ وَيَصِيرُ الْمَدْبُوغُ كَثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ لِمُلَاقَاتِهِ لِلْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ، أَوْ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهِ قَبْلَ طُهْرِ عَيْنِهِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِذَلِكَ، فَلَا يُصَلِّي فِيهِ وَلَا عَلَيْهِ قَبْلَ غَسْلِهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ، وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ سَوَاءٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (الْمَيِّتَةِ) أَيْ وَكَذَا جُلُودُ الْحَيِّ الَّذِي يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْمَيِّتَةِ لِلْغَالِبِ فَلَوْ سُلِخَ جِلْدُهُ مَعَ حَيَاتِهِ طَهُرَ أَيْضًا بِالدِّبَاغِ. اهـ. م د. وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ الْمَيِّتَاتِ، لِأَنَّ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ مُلْحَقٌ بِجُمُوعِ الْقِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْأَفْصَحُ فِيهَا الْمُطَابَقَةُ كَمَا فِي النَّظْمِ الْمَشْهُورِ فَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْأَحْسَنِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّهَا) تَأْكِيدٌ لِلْجُلُودِ أَوْ لِلْمَيِّتَةِ وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ ق ل.
قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ، فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا فِيهِ. وَعَنْ مَالِكٍ لَا تَطْهُرُ جُلُودُ الْمَيِّتَاتِ أَصْلًا، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّ الْجُلُودَ كُلَّهَا تَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إنَّهُ يُنْتَفَعُ بِجُلُودِ الْمَيِّتَةِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ دِبَاغٍ، وَحَمْلُ أَحَادِيثِ الدِّبَاغِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ، وَتَوْجِيهُ بَاقِي الْأَقْوَالِ مَذْكُورٌ فِي الْمِيزَانِ. قَوْلُهُ: (بِالدِّبَاغِ) بِمَعْنَى الِانْدِبَاغِ كَمَا تَدُلُّ لَهُ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ ق ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِإِلْقَائِهِ) أَيْ الْجِلْدِ. وَقَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ رِيحٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلٌ وَلَا قَصْدٌ.
قَوْلُهُ: (أَيُّمَا إهَابٍ) الْإِهَابُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَكِتَابٍ اسْمٌ لِلْجِلْدِ قَبْلَ دَبْغِهِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أُهْبَةٌ لِلْحَيِّ أَيْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَبَقَاءٌ لِحِمَايَةِ جَسَدِهِ كَمَا قِيلَ لَهُ الْمِسْكُ لِإِمْسَاكِهِ مَا وَرَاءَهُ وَمَا زَائِدَةٌ، وَطَهُرَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. وَأَمَّا الْمُضَارِعُ فَبِالضَّمِّ لَا غَيْرُ.
قَوْلُهُ: (وَالْبَاطِنُ مَا لَمْ يُلَاقِ الدَّابِغَ) الْمَحَلُّ لِلْإِضْمَارِ. وَفِي الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ: وَالْمُرَادُ بِبَاطِنِهِ مَا بَطَنَ وَهُوَ مَا لَوْ شُقَّ لَظَهَرَ، وَبِالظَّاهِرِ مَا ظَهَرَ مِنْ وَجْهَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ ظَاهِرِهِ فَقَطْ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا فِيهِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَغْلَطُ فِيهِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ) أَيْ كَالْخَيْلِ وَالْقَنَافِذِ، وَقَوْلُهُ: (أَمْ لَا) كَالذِّئَابِ وَالْفِئْرَانِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ النَّتْنُ) أَيْ عَنْ قُرْبٍ، أَمَّا لَوْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الصُّلْبَةَ إذَا مَكَثَتْ فِي الْمَاءِ مُدَّةً طَوِيلَةً رُبَّمَا حَصَلَ لَهَا الْعُفُونَةُ.
قَوْلُهُ: (وَالْفَسَادُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوْ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ. وَقَالَ ق ل: عَطْفُ مُرَادِفٍ. قَالَ م ر: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا عَدَا النَّتْنَ إنْ قَالَ خَبِيرَانِ إنَّهُ لِفَسَادِ الدَّبْغِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا. لِأَنَّا نَجِدُ مَا أُتْقِنَ دَبْغُهُ يَتَأَثَّرُ بِالْمَاءِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ لِمُطْلَقِ التَّأَثُّرِ بِهِ بَلْ يُنْظَرُ لِلدَّبْغِ.
قَوْلُهُ: (كَالْقَرَظِ) بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ ثَمَرُ السَّنْطِ.
قَوْلُهُ: (وَالنَّجِسِ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ. لَكِنْ يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِهِ إذَا وُجِدَ مَا يَقُومُ مُقَامَهُ. قَوْلُهُ: (كَذَرْقِ الطُّيُورِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِالزَّايِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ قَالَ فِيهِ زَرَقَ الطَّائِرُ زَرْقًا وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْمِلْحِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا جَمَدَتْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَدَخَلَ. اهـ. مُخْتَارٌ.
قَوْلُهُ: (عَادَتْ إلَيْهِ الْعُفُونَةُ) أَيْ لِأَنَّهَا كَامِنَةٌ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ غَسْلُهُ) وَلَوْ سَبْعًا بِتُرَابٍ إنْ كَانَ الدَّابِغُ نَحْوَ رَوْثِ كَلْبٍ ق ل. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ قَبْلَ الدَّبْغِ نَجَاسَةٌ مُغَلَّظَةٌ فَغُسْلُهُ قَبْلَهُ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَطْهِيرِهِ بَعْدَ الدِّبَاغِ بِسَبْعٍ إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ، لِأَنَّهُ قَبْلَ الدَّبْغِ لَمْ يَكُنْ قَابِلًا لِلتَّطْهِيرِ، وَأَخَذَ مِنْهُ أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ سم أَنَّ عَظْمَ الْمَيِّتَةِ أَيْ وَشَعْرَهَا إذَا أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ لَمْ يَطْهُرْ بِالتَّسْبِيعِ وَالتَّتْرِيبِ، فَإِذَا أَصَابَ شَيْئًا مَعَ الرُّطُوبَةِ نَجَّسَهُ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً اهـ فَتَفْطِنُ لَهُ فَإِنَّهُ فَرْعُ مُهِمٌّ نَفِيسٌ. اهـ. م د، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ ع ش أَنَّهُ يَطْهُرُ مِنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَهُوَ أَقْيَسُ.
قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ لِتَنَجُّسِهِ.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست