responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 92
فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِمِسْكٍ أَوْ نَحْوِهِ كَزَعْفَرَانٍ أَوْ بِتُرَابٍ لَمْ يَطْهُرْ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَنَّ أَوْصَافَ النَّجَاسَةِ زَالَتْ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ فَاسْتَتَرَتْ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّجَسِ مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ أَصَالَةً بِأَنْ لَا يَسِيلَ دَمُهَا عِنْدَ شَقِّ عُضْوٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا كَزُنْبُورٍ وَعَقْرَبٍ وَوَزَغٍ وَذُبَابٍ وَقَمْلٍ وَبُرْغُوثٍ، لَا نَحْوَ حَيَّةٍ وَضِفْدَعٍ وَفَأْرَةٍ فَلَا تُنَجِّسُ مَاءً أَوْ غَيْرَهُ بِوُقُوعِهَا فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِاحْتِمَالِ تَحَلُّلِهَا بَعْدَ طَهَارَتِهِمْ لِأَنَّ كُلَّ حَادِثٍ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ اهـ. قَوْلُهُ (بِمِسْكٍ) أَيْ فِي نَجَاسَةٍ لَهَا رِيحٌ، أَوْ بِزَعْفَرَانٍ فِي نَجَاسَةٍ لَهَا لَوْنٌ، أَوْ بِخَلٍّ فِي نَجَاسَةٍ لَهَا طَعْمٌ، لِأَنَّ كُلَّ صِفَةٍ لَا تَسْتُرُ أُخْرَى فَلَوْ زَالَ الرِّيحُ بِالْخَلِّ أَوْ اللَّوْنُ بِالْمِسْكِ عَادَ طَهُورًا ق ل.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَتَرَتْ) هَذَا إذَا احْتَمَلَ سِتْرُ التَّغَيُّرِ بِمَا طَرَأَ.
قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى) هَذَا رَاجِعٌ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَسِيلَ دَمُهَا) . أَيْ عَنْ مَوْضِعِ جُرْحِهَا وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا دَمٌ أَصْلًا، أَوْ لَهَا دَمٌ لَا يَجْرِي كَالْوَزَغِ وَالزُّنْبُورِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالذُّبَابِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ (عِنْدَ شَقِّ عُضْوٍ مِنْهَا) وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ جَرْحُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَفِيهِ أَنَّ جَرْحَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ مُخَالَفَتِهِ جِنْسَهُ لِعَارِضٍ، وَجَرْحُ الْكُلِّ لَا يُمْكِنُ إلَّا أَنْ يُقَالَ جَرْحُ الْبَعْضِ إذَا كَثُرَ يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّنْجِيسُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ مِنْ وُجُودِ الدَّمِ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَنَّ الْجِنْسَ كَذَلِكَ، وَمُخَالَفَةُ الْأَفْرَادِ لِلْجِنْسِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْغَالِبِ وَيَتَّجِهُ أَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ، وَالْعَمَلُ بِالطَّهَارَةِ حَيْثُ احْتَمَلَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَسِيلُ دَمُهُ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا تَنْجُسُ بِالشَّكِّ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (كَزُنْبُورٍ) الزُّنْبُورُ الدَّبُّورُ.
قَوْلُهُ: (وَعَقْرَبٍ) وَسَحَالٍ م ر. وَمِثْلُ هَذِهِ بِإِهَانَتِهَا، فَإِذَا وَقَعَتْ قِشْرَةُ قَمْلَةٍ فِي مَائِعٍ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ نَجَّسَتْهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَا يَخْفَى. فَلَوْ نَطَّ فَأْرٌ عَلَى بُرَيْصَةٍ فَلِلْوَلَدِ حُكْمُ الْفَأْرِ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ: يَتْبَعُ الْفَرْعُ أَخَسَّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا.
قَوْلُهُ: (وَزَغٍ) أَيْ بُرْصٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَمْلٍ) وَمِثْلُهُ الْبَقُّ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ.
قَوْلُهُ: (وَضِفْدِعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ عَلَى الْأَفْصَحِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تُنَجِّسُ) أَيْ مَيْتَةُ مَا لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ الْغَفْلَةِ. قَوْلُهُ: (طَارِحٌ) وَلَوْ بَهِيمَةً لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ طَرْحِ الرِّيحِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَطْرَحَهَا طَارِحٌ مَيِّتَةً وَتَصِلُ مَيِّتَةً، وَإِنْ أُحْيِيَتْ فِي الْأَثْنَاءِ أَمَّا إذَا طَرَحَهَا حَيَّةً أَوْ أُحْيِيَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا وَلَمْ تَمُتْ فَلَا يَضُرُّ.
وَحَاصِلُ تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَطْرَافِهَا أَنْ يُقَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا أَنَّهَا إنْ طُرِحَتْ حَيَّةً لَمْ يَضُرَّ، سَوَاءٌ كَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَمَاتَتْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا، إنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ. وَإِنْ طُرِحَتْ مَيِّتَةً وَوَصَلَتْ مَيِّتَةً ضَرَّ سَوَاءٌ أَكَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، وَأَنَّ وُقُوعَهَا بِنَفْسِهَا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَيُعْفَى عَنْهُ وَلَيْسَ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَالرِّيحِ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَاقِعُ مِنْ ذَلِكَ فَأَخْرَجَ أَحَدَهَا عَلَى رَأْسِ عُودٍ مَثَلًا فَسَقَطَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يُنَجِّسْهُ وَهَلْ لَهُ إخْرَاجُ الْبَاقِي بِهِ؟ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِأَنَّ مَا عَلَى رَأْسِ الْعُودِ جُزْءٌ مِنْ الْمَائِعِ الْمَحْكُومِ بِطَهَارَتِهِ، وَلَوْ وَضَعَ خِرْقَةً عَلَى إنَاءٍ وَصَفَّى بِهَا هَذَا الْمَائِعَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمَيِّتَةُ بِأَنْ صَبَّهُ عَلَيْهَا لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ يَضَعُ الْمَائِعَ وَفِيهِ الْمَيِّتَةُ مُتَّصِلَةٌ بِهِ، ثُمَّ يَتَصَفَّى مِنْهَا الْمَائِعُ وَتَبْقَى هِيَ مُنْفَرِدَةً لَا أَنَّهُ طَرَحَ الْمَيِّتَةَ فِي الْمَائِعِ. وَمَا لَا نَفَسَ لَهُ سَائِلَةٌ إذَا اغْتَذَى بِالدَّمِ كَالْحَلَمِ الْكِبَارِ أَيْ الْقُرَادِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْإِبِلِ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوعِ، فَإِنْ مَكَثَ فِي الْمَاءِ حَتَّى انْشَقَّ وَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ احْتَمَلَ أَنْ يَنْجُسَ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْ الْحَيَوَانِ دُونَ الدَّمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا فِي بَطْنِهِ مِنْ الرَّوْثِ إذَا ذَابَ وَاخْتَلَطَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُغَيِّرْ، وَكَذَلِكَ مَا عَلَى مَنْفَذِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ وَجَدَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَشَكَّ فِي أَنَّهَا أُلْقِيَتْ فِيهِ مَيِّتَةً أَوْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ.
قَالَ م ر: بِعَدَمِ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْعَفْوِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ. قَالَ سم: وَانْظُرْ لَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ مِمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَةَ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا أَوْ لَا. وَيَتَّجِهُ الْعَفْوُ فِيهِمَا كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر، لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ وَنَازَعَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ هَذَا مُحَصِّلُ مَا ذَكَرَهُ م ر وَالشَّوْبَرِيُّ وع ش. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا يَضُرُّ طَرْحُ الْمَيِّتَةِ فِي الْمَائِعِ يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ فِيهِ مَيِّتَةٌ، لَكِنْ لَوْ جَهِلَ كَوْنَ الْمَيِّتَةِ فِي الْإِنَاءِ وَطَرَحَ الْمَائِعَ فِيهِ فَهَلْ يَنْجُسُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إذَا كَانَ الطَّرْحُ لِحَاجَةٍ، لَكِنْ قَضِيَّةُ ضَرَرِ الطَّرْحِ بِلَا قَصْدِ الضَّرَرِ هُنَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي زَيْتٍ وَنَحْوِ الْقِنْدِيلِ وَاحْتَاجَ إلَى زِيَادَتِهِ،

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست