responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 78
التَّطْهِيرِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ غَيْرِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ: أَهْلُ اللِّسَانِ وَالْعُرْفِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ إيقَاعِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ لَا إيرَادَ، وَلَا يَرِدُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ وَلَا الْمُسْتَعْمَلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ.

(وَ) ثَانِيهَا مَاءٌ (طَاهِرٌ) فِي نَفْسِهِ (مُطَهِّرٌ) لِغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ (مَكْرُوهٌ) اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا تَنْزِيهًا فِي الطَّهَارَةِ (وَهُوَ الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ) أَيْ الْمُتَشَمِّسُ، لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَدُقَّ ثُمَّ طُرِحَ ضَرَّ لِكَوْنِهِ مُخَالِطًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ. اهـ. م ر.
فَرْعٌ: لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مُخَالِطٌ وَمُجَاوِرٌ مَعًا وَشَكَكْنَا هَلْ التَّغَيُّرُ مِنْ الْمُخَالِطِ أَوْ الْمُجَاوِرِ؟ فَالصَّحِيحُ أَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْرَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَمْ يَخْلُ وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَبِمَعْنَى يَنْزِلُ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاك هِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ
قَوْلُهُ: (عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ الْقَيْدُ اللَّازِمُ وَهُوَ التَّغَيُّرُ فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَقُولُ هَذَا مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ.
قَوْلُهُ: (بِمَنْعِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ) ضَعِيفٌ.
وَقَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْمُطْلَقِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّطْهِيرِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ) إلَخْ. مُعْتَمَدٌ وَأَهْلُ اللِّسَانِ هُمْ أَهْلُ اللُّغَةِ وَأَهْلُ الْعُرْفِ هُمْ حَمَلَةُ الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ إيقَاعِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ) بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ عِنْدَهُمْ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ) الْمُنَاسِبُ يَقُولُ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ عِنْدَ الْعَالِمِ بِحَالِهِ.

قَوْلُهُ: (اسْتِعْمَالُهُ) قَدَّرَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ.
قَوْلُهُ: (شَرْعًا) أَيْ وَطِبًّا وَمِثْلُهُ الشُّرْبُ قَائِمًا وَسَهَرُ اللَّيْلِ أَيْ مُعْظَمِهِ فِي الْعِبَادَةِ يُكْرَهُ طِبًّا لَا شَرْعًا، وَالنَّوْمُ قَبْلَ الْعِشَاءِ يُكْرَهُ شَرْعًا لَا طِبًّا، وَمِمَّا يُسَنُّ طِبًّا وَشَرْعًا الْفِطْرُ عَلَى التَّمْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ شَرْعًا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ الْكَرَاهَةُ طِبِّيَّةٌ فَقَطْ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ الثَّوَابُ وَعَدَمُهُ، فَإِنْ قُلْنَا: شَرْعِيَّةٌ أُثِيبَ تَارِكُهُ امْتِثَالًا، وَإِنْ قُلْنَا إرْشَادِيَّةٌ أَيْ طِبِّيَّةٌ فَقَطْ فَلَا، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَلِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ يُثَابُ وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ مَحَضَ قَصْدَ الِامْتِثَالِ اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَرَاهَتُهُ شَرْعِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الطِّبَّ فَيُثَابُ تَارِكُهَا امْتِثَالًا، وَلِذَلِكَ حَرُمَ عَلَى مَنْ ظَنَّ فِيهِ الضَّرَرَ بِعَدْلٍ، وَلَا تُنْتَظَرُ بُرُودَتُهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ، بَلْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَرَرَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ، بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَحْتَاجُ إلَى تَسْخِينِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ اهـ. وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّبْرِيدَ لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ بِخِلَافِ التَّسْخِينِ. قَوْلُهُ: (تَنْزِيهًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَهُوَ مَا طُلِبَ تَرْكُهُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ، وَدَفَعَ بِذَلِكَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ. نَعَمْ إنْ ظَنَّ فِيهِ الضَّرَرَ عَادَةً كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، أَوْ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (فِي الطَّهَارَةِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ النِّزَاعِ اج. وَهَذِهِ الظَّرْفِيَّةُ مُشْكِلَةٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مَعْنَاهُ الْفِعْلُ، وَالطَّهَارَةُ إمَّا فِعْلُ مَا تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ، فَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا مَكْرُوهٌ اسْتِعْمَالُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي زَوَالِ الْمَنْعِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ الْمَظْرُوفَ هُوَ اللُّغَوِيُّ الْعَامُّ فَظَرْفٌ فِي الْخَاصِّ وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْمَخْصُوصُ، وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ مَكْرُوهٌ اسْتِعْمَالُهُ لِأَجْلِ زَوَالِ الْمَنْعِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ) وَمِثْلُ الْمَاءِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَاءَ لِأَجْلِ التَّقْسِيمِ أَيْ تَقْسِيمِ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُتَشَمَّسُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَرَاهَةِ فِعْلٌ وَفَاعِلٌ، وَلَا الْقَصْدُ فَيَشْمَلُ مَا تَشَمَّسَ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ دَاوَمَ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الْكَرَاهِيَةَ بِالْمُدَاوَمَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مُغَطًّى أَوْ مَكْشُوفًا لَكِنَّ الْمَكْشُوفَ أَشَدُّ كَرَاهَةً.
قَوْلُهُ: (عَنْ عُمَرَ) لَعَلَّ الشَّافِعِيَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْهُ عَنْ اجْتِهَادٍ حَتَّى يَتَأَتَّى الِاسْتِدْلَال بِهِ، وَلَوْ اسْتَدَلَّ الشَّارِحُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا ثُمَّ يُقَوِّيه بِخَبَرِ عُمَرَ كَانَ أَوْلَى وَلِضَعْفِهِ لَمْ يَقُلْ بِالْحُرْمَةِ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: يَا حُمَيْرَاءُ تَصْغِيرُ حَمْرَاءَ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَمْرَاءَ ح ف. لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ بَيَاضَهَا مَشُوبٌ بِحُمْرَةٍ. وَفِي الْمِيزَانِ لِلشَّعْرَانِيِّ، وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ فِي الطَّهَارَةِ، وَالْأَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست