responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 75
(وَ) رَابِعُهَا (مَاءُ الْبِئْرِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» لَمَّا سُئِلَ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْهَا وَمِنْ بِئْرِ رُومَةَ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ الْبِئْرَ بِئْرَ زَمْزَمَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مِنْهَا. وَفِي الْمَجْمُوعِ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَنَةٍ، وَالْخَرَابُ مِنْهَا مَسِيرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ وَالْعُمْرَانُ مَسِيرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِئْرُ زَمْزَمَ) كَجَعْفَرٍ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْبُقْعَةُ مُنِعَ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ الْمَعْنَوِيِّ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَكَانُ صُرِفَ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ، وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْكَعْبَةِ، وَعُمْقُهَا إحْدَى عَشْرَةَ قَامَةً وَعُمْقُ الْمَاءِ سَبْعُ قَامَاتٍ، وَدَوْرُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ شِبْرًا، وَارْتِفَاعُ سُورِ الْبِئْرِ أَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ وَنِصْفٌ. قَالَ السُّيُوطِيّ: وَتَجْتَمِعُ فِيهَا أَرْوَاحُ الْمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ أَيْ الصَّالِحِينَ، وَغَيْرُ الصَّالِحِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي بِئْرِ مَعُونَةَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَسُمِّيَتْ الْبِئْرُ بِزَمْزَمَ لِأَنَّ الْمَاءَ حِينَ خَرَجَ مِنْهَا سَالَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَزُمَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ مُنِعَ مِنْ السَّيَلَانِ بِجَمْعِ التُّرَابِ حَوَالَيْهِ، وَأَصْلُهَا مِنْ ضَرْبِ جِبْرِيلَ الْأَرْضَ بِجَنَاحِهِ.
وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَنَا إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ وَضَعَ أَمَتَهُ هَاجَرَ وَوَلَدَهُ مِنْهَا إسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ فِي الْحِجْرِ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَقِرْبَةً صَغِيرَةً فِيهَا مَاءٌ ثُمَّ ذَهَبَ فَتَبِعَتْهُ هَاجَرُ، فَقَالَتْ: أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَنِيسٌ؟ وَكَرَّرَتْ ذَلِكَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا. فَقَالَتْ: هَلْ أَمَرَك اللَّهُ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ، فَاسْتَقْبَلَ إبْرَاهِيمُ الْبَيْتَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا بِقَوْلِهِ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} [إبراهيم: 37] حَتَّى بَلَغَ: {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ بَعْضُ ذُرِّيَّتِي، فَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ عَطِشَتْ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا فَعَطِشَ إسْمَاعِيلُ وَبَكَى وَصَارَ يَعْلُو صَوْتُهُ وَيَنْخَفِضُ وَيَضْرِبُ بِعَقِبَيْهِ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهَةَ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ وَقَالَتْ: يَمُوتُ وَأَنَا غَائِبَةٌ عَنْهُ أَهْوَنُ عَلَيَّ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي مَمْشَايَ خَيْرًا، فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ فَقَامَتْ عَلَيْهِ وَاسْتَغَاثَتْ بِاَللَّهِ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ عَمِيقٌ، فَجَاوَزَتْ الْوَادِيَ إلَى الْمَرْوَةِ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَلِذَا شُرِعَ السَّعْيُ سَبْعًا، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ تَذْهَبُ إلَى إسْمَاعِيلَ وَتَنْظُرُ مَا حَدَثَ لَهُ، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: أَغِثْنِي فَإِذَا هُوَ جِبْرِيلُ فَقَالَ. مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِ إبْرَاهِيمَ. قَالَ: فَإِلَى مَنْ وَكَّلَكُمَا؟ قَالَتْ: إلَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: وَكَّلَكُمَا إلَى كَافٍ فَخَرَجَ يُصَوِّبُ بَيْنَ يَدَيْهَا حَتَّى انْتَهَى بِهَا عِنْدَ رَأْسِ إسْمَاعِيلَ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهَا حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَضَرَبَ بِعَقِبِهِ أَوْ بِجَنَاحِهِ الْأَرْضَ، فَنَبَعَ زَمْزَمُ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَسَاحَ حَتَّى قَرُبَ مِنْ إسْمَاعِيلَ فَصَارَتْ تَجْمَعُ التُّرَابَ حَوْلَ الْمَاءِ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ بِقِرْبَتِهَا وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ الْمَاءَ فِي سِقَائِهَا وَتَقُولُ: زِمِّي زِمِّي أَيْ اجْتَمِعِي فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا: لَا تَخَافِي الضَّيْعَةَ أَيْ الْهَلَاكَ فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِيه هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، فَاجْتَمَعَتْ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِزَمْزَمَتِهَا أَيْ اجْتِمَاعِهَا أَوْ لِكَثْرَةِ مَائِهَا، أَوْ لِزَمْزَمَةِ جِبْرِيلَ أَيْ تَكَلُّمِهِ عِنْدَ انْفِجَارِهَا، وَيُقَالُ لَهَا زَمْزَامُ وَشَرَابُ الْأَبْرَارِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلُّوا فِي مُصَلَّى الْأَخْيَارِ، وَاشْرَبُوا مِنْ شَرَابِ الْأَبْرَارِ. قِيلَ: مَا مُصَلَّى الْأَخْيَارِ؟ قَالَ: تَحْتَ الْمِيزَابِ، قِيلَ: مَا شَرَابُ الْأَبْرَارِ؟ قَالَ: مَاءُ زَمْزَمَ، وَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ شَرَابٍ، وَأَصْلُهَا زَمَّمَ فَاسْتَثْقَلُوا الْجَمْعَ بَيْنَ ثَلَاثِ مِيمَاتٍ فَأَبْدَلُوا مِنْ الثَّانِيَةِ زَايًا. قَالَ الْعَلَّامَةُ ق ل: وَلَا بَأْسَ بِنَقْلِ مَائِهَا بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ «لِأَنَّ الْمُصْطَفَى كَانَ يَنْقُلُهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَيُهْدِيهِ لِأَصْحَابِهِ وَكَانَ يَسْتَهْدِيهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ» . وَمَا قِيلَ إنَّهُ يُبَدَّلُ فَمِنْ خُرَافَاتِ الْعَوَامّ اهـ. وَذَكَرَ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْخَلِيلُ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَزُورُ هَاجَرَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الشَّامِ عَلَى الْبُرَاقِ شَغَفًا بِهَا وَقِلَّةَ صَبْرٍ عَنْهَا. وَكَانَ السَّبَبُ فِي إسْكَانِهَا مَكَّةَ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سَارَةَ زَوْجَ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ مُنِعَتْ الْوَلَدَ وَيَئِسَتْ، وَكَانَتْ هَاجَرُ جَارِيَتُهَا ذَاتَ هَيْئَةٍ وَجَمَالٍ فَوَهَبَتْهَا لِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ بِإِسْمَاعِيلَ فَغَضِبَتْ سَارَةُ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست