responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 67
بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَإِذْ قَدْ عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا احْتِيَاجَ إلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فِي كُلِّ كِتَابٍ أَوْ بَابٍ أَوْ فَصْلٍ اخْتِصَارًا.
وَالطَّهَارَةُ لُغَةً النَّظَافَةُ وَالْخُلُوصُ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةً كَانَتْ الْأَنْجَاسُ أَوْ مَعْنَوِيَّةً كَالْعُيُوبِ يُقَالُ طَهُرَ بِالْمَاءِ وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرُونَ أَيْ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الْعَيْبِ وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ إنَّهُ ارْتِفَاعُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ فَيَدْخُلُ فِيهِ غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ لِيَحِلَّانِ لِحَلِيلِهِمَا الْمُسْلِمِ فَإِنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرْفُوعًا مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَوْ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ مَجْرُورًا بِحَرْفِ جَرٍّ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ. وَفِي قَوْلِهِ مُضَافٌ إلَى مَحْذُوفَيْنِ تَسَامُحٌ فَإِنَّهُ مُضَافٌ إلَى بَيَانٍ وَبَيَانٌ مُضَافٌ إلَى أَحْكَامٍ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ) لَوْ قَالَ بِحَسَبِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا.
قَوْلُهُ: (وَالْخُلُوصُ مِنْ الْأَدْنَاسِ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِأَنَّ الْخُلُوصَ مِنْ الْأَدْنَاسِ يَشْمَلُ الْحِسِّيَّةَ كَالْأَنْجَاسِ وَالْمَعْنَوِيَّةَ كَالْعُيُوبِ وَالنَّظَافَةُ خَاصَّةٌ بِالْحِسِّيَّةِ، أَوْ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبِّبٍ، أَوْ عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ، أَوْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِأَنَّ النَّظَافَةَ أَيْضًا تَشْمَلُ الْحِسِّيَّةَ وَالْمَعْنَوِيَّةَ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ أَيْ مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقَائِصِ يُحِبُّ النَّظَافَةَ» اهـ. قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّهَارَةَ قِسْمَانِ عَيْنِيَّةٌ وَحُكْمِيَّةٌ، فَالْعَيْنِيَّةُ هِيَ مَا لَا تَتَجَاوَزُ مَحَلَّ سَبَبِهَا كَمَا فِي غَسْلِ الْيَدِ مَثَلًا عَنْ النَّجَاسَةِ، فَإِنَّ الْغَسْلَ لَا يُجَاوِزُ مَحَلَّ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ، وَالْحُكْمِيَّةُ هِيَ الَّتِي تُجَاوِزُ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ كَمَا فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ عَنْ الْحَدَثِ فَإِنَّ مَحَلَّ السَّبَبِ الْفَرْجُ مَثَلًا حَيْثُ خَرَجَ مِنْهُ خَارِجٌ، وَقَدْ وَجَبَ غَسْلُ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَعْضَاءُ. وَلَهَا وَسَائِلُ وَمَقَاصِدُ، فَوَسَائِلُهَا أَرْبَعٌ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْوَسَائِلِ الْمُقَدِّمَاتُ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. وَهِيَ الْمِيَاهُ وَالْأَوَانِي وَالِاجْتِهَادُ وَالنَّجَاسَةُ. وَلَمَّا كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُوجِبَةً لِلطَّهَارَةِ عُدَّتْ مِنْ الْوَسَائِلِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَمَقَاصِدُهَا أَرْبَعٌ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَلَمْ يَعُدُّوا التُّرَابَ مِنْ الْوَسَائِلِ كَالْمِيَاهِ وَلَا الْأَحْدَاثَ مِنْهَا كَالنَّجَاسَةِ، لِأَنَّ التُّرَابَ لَمَّا كَانَ طَهَارَةً ضَرُورَةً لَمْ يُعَدَّ مِنْ الْوَسَائِلِ، وَلَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ الطَّهَارَةُ عَلَى الْحَدَثِ دَائِمًا بَلْ قَدْ تَجِبُ بِلَا سَبْقِ حَدَثٍ كَالْمَوْلُودِ إذَا أُرِيدَ تَطْهِيرُهُ لِلطَّوَافِ بِهِ لَمْ يَعُدُّوا الْحَدَثَ مِنْهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ع ش إطْفِيحِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَالْأَنْجَاسِ) أَيْ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ. قَوْلُهُ: (فِي تَفْسِيرِهَا) أَيْ تَعْرِيفِهَا قَوْلُهُ: (وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلطَّهَارَةِ قَوْلُهُ (فِيهِ) أَيْ تَعْرِيفِهَا. وَقَوْلُهُ: (أَنَّهُ) أَيْ تَعْرِيفَهَا.
قَوْلُهُ: (ارْتِفَاعُ إلَخْ) هَذَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ فَإِنَّ لَهَا إطْلَاقَيْنِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ تُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ مَجَازًا عِنْدَهُمْ مِنْ إطْلَاقِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ وَتُطْلَقُ عَلَى الْوَصْفِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ أَثَرُهُ حَقِيقَةً فَتَعْرِيفُهَا الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفُ. وَقَوْلُهُ الْآتِي وَقِيلَ هِيَ فِعْلٌ إلَخْ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ، لَكِنْ كُلٌّ مِنْ تَعْرِيفَيْهِ خَاصٌّ بِالطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ: أَوْ مَا فِيهِ ثَوَابٌ مُجَرَّدٌ لِيَشْمَلَ الْمَنْدُوبَةَ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ حَجَرٍ بِمَا يَعُمُّ الْوَاجِبَةَ وَالْمَنْدُوبَةَ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ وَهُوَ أَخْصَرُ تَعْرِيفٍ وَأَشْمَلُهُ بِقَوْلِهِ: فِعْلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَوْ مَا فِيهِ ثَوَابٌ مُجَرَّدٌ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ إلَى نَحْوِ التَّيَمُّمِ، وَبِقَوْلِهِ أَوْ مَا فِيهِ ثَوَابٌ مُجَرَّدٌ إلَى نَحْوِ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَإِلَى الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ الْمَنْدُوبَيْنِ فَرَاجِعْ.
قَوْلُهُ: (غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَقَوْلُهُ لِيَحِلَّانِ لِحَلِيلِهِمَا لَيْسَ قَيْدًا وَكَذَا قَوْلُهُ الْمُسْلِمِ وَإِثْبَاتُ النُّونِ فِي لِيَحِلَّانِ فِي غَالِبِ النُّسَخِ لَا وَجْهَ لَهُ، فَالصَّوَابُ حَذْفُهَا لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٌ جَوَازًا بَعْدَ لَامِ التَّعْلِيلِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَاءَ هَذَا الْغُسْلِ مُسْتَعْمَلٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَنْ يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَى الْغُسْلِ، فَخَرَجَ الْحَنَفِيُّ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَى الْغُسْلِ بَلْ عَلَى الِانْقِطَاعِ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَخَرَجَ مَا لَوْ اغْتَسَلَ الْكَافِرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنَّ الْمَاءَ لَا يَكُونُ.

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست