responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 63
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ: يَا لَطِيفًا فَوْقَ كُلِّ لَطِيفٍ اُلْطُفْ بِي فِي أُمُورِي كُلِّهَا كَمَا أُحِبُّ وَرَضِّنِي فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي وَقَوْلُهُ: (خَبِيرٌ) مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِعِبَادِهِ وَبِأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَبِمَوَاضِعِ حَوَائِجِهِمْ وَمَا تُخْفِيهِ صُدُورُهُمْ.
وَإِذْ قَدْ أَنْهَيْنَا الْكَلَامَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا قَصَدْنَاهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُطْبَةِ فَنَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ مَحَاسِنِ هَذَا الْكِتَابِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ. فَنَقُولُ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ عَلِمَ مِنْ مُؤَلِّفِهِ خُلُوصَ نِيَّتِهِ فِي تَصْنِيفِهِ فَعَمَّ النَّفْعُ بِهِ فَقَلَّ مِنْ مُتَعَلِّمٍ إلَّا وَيَقْرَؤُهُ أَوَّلًا إمَّا بِحِفْظٍ وَإِمَّا بِمُطَالَعَةٍ، وَقَدْ اعْتَنَى بِشَرْحِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ الْقَاصِدِينَ بِعِلْمِهِمْ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَرَارَهُ الْجَنَّةَ وَجَعَلَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ بِنَا وَبِوَالِدِينَا وَمَشَايِخِنَا وَمُحِبِّينَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
وَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمِنْ أَعْظَمِ شُرُوطِهَا الطَّهَارَةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ» وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ طَبْعًا فَقُدِّمَ وَضْعًا بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِهَا فَقَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ م د.

قَوْلُهُ: (يَا لَطِيفًا) وَفِي نُسْخَةٍ يَا لَطِيفُ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مِنْ نِدَاءِ الْمَوْصُوفِ فَيُنْصَبُ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ مِنْ الشَّبِيهِ بِالْمُضَافِ، أَوْ مِنْ وَصْفِ الْمُنَادَى فَيَبْقَى عَلَى بِنَائِهِ عَلَى الضَّمِّ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَبِعِبَادِهِ لَطِيفٌ خَبِيرٌ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى: 19] ثُمَّ إنْ فَسَّرَ اللُّطْفَ بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ اخْتَصَّ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِالْعَامِّ أَيْ بِالْأَمْرِ الْعَامِّ كَالْإِحْسَانِ يَشْمَلُ الْكَافِرَ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَقْتُلَهُمْ جُوعًا وَنَحْوَهُ بِمَعَاصِيهِمْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ.
قَوْلُهُ: (فَوْقَ كُلِّ لَطِيفٍ) أَيْ فَوْقِيَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ، وَقَدْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الَأُجْهُورِيُّ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي كَرْبٍ وَقَرَأَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِفَضْلِهِ ذَلِكَ الْكَرْبَ. قَوْلُهُ: (وَرَضِّنِي) أَيْ اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِمَا أَنْعَمْت بِهِ عَلَيَّ أَوْ أَعْطِنِي مَا يُرْضِينِي فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ مَحَاسِنِ) أَيْ ضِمْنًا لِأَنَّ الْمَذْكُورَ مَحَاسِنُ الْمُؤَلِّفِ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ: (قِرَاهُ) أَيْ مَحَلُّ قِرَاهُ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ ضِيَافَتِهِ وَإِكْرَامِهِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: قَرَيْت الضَّيْفَ أَقْرِيهِ مِنْ بَابِ رَمَى قِرًى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قِرَارِهِ. قَوْلُهُ. (بَعْدَ الْإِيمَانِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا بَدَنِيَّةٌ وَتَكُونُ نَفْلًا. قَوْلُهُ (وَمِنْ أَعْظَمِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ مِنْ لِيَتِمَّ لَهُ تَوْجِيهُ الْبُدَاءَةِ بِالطَّهَارَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الطَّهَارَةُ أَعْظَمَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ لَهَا مَزِيَّةً عِنْدَ الْفَقِيهِ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ فَاقِدِ السُّتْرَةِ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تُغْنِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ، وَمَنْ صَلَّى ظَانًّا دُخُولَ الْوَقْتِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لَا يُحْكَمُ عَلَى صَلَاتِهِ بِالْبُطْلَانِ، بَلْ تَصِحُّ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ جِنْسِهَا، وَإِلَّا وَقَعَتْ عَنْهَا بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى ظَانًّا الطَّهَارَةَ فَبَانَ خِلَافُهَا فَيَتَبَيَّنَ بُطْلَانَهَا. وَمَنْ صَلَّى فِي نَفْلِ السَّفَرِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْقِبْلَةُ، فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَعَظْمِيَّةِ الطَّهَارَةِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُسْتَفَادُ الْأَعْظَمِيَّةُ مِنْ الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى حَدِّ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ثُمَّ فِي قَوْلِهِ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ» اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وَتَخْيِيلٌ حَيْثُ شَبَّهَ الصَّلَاةَ بِالْمَحَلِّ الْمُغْلَقِ فِي تَوَقُّفِ الْوُصُولِ إلَيْهِ بِشَيْءٍ كَالْمِفْتَاحِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ، وَإِثْبَاتُ الْمِفْتَاحِ تَخْيِيلٌ. وَالطُّهُورُ بِضَمِّ الطَّاءِ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَمَّا بِفَتْحِهَا فَالْمَاءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا.
قَوْلُهُ: (بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِهَا) جَوَابٌ لِمَا، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَبَدَأَ بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ آلَتُهَا.

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست