responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 61
لِلصَّوَابِ) الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْخَطَأِ بِأَنْ يُقَدِّرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ، فَإِنَّهُ كَرِيمٌ جَوَادٌ لَا يَرُدُّ مَنْ سَأَلَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ (إنَّهُ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (عَلَى مَا يَشَاءُ) أَيْ يُرِيدُ (قَدِيرٌ) أَيْ قَادِرٌ. وَالْقُدْرَةُ صِفَةٌ تُؤَثِّرُ فِي الشَّيْءِ عِنْدَ تَعَلُّقِهَا بِهِ، وَهِيَ إحْدَى الصِّفَاتِ الثَّمَانِيَةِ الْقَدِيمَةِ الثَّابِتَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّتِي هِيَ صِفَاتُ الذَّاتِ الْقَدِيمِ الْمُقَدَّسِ.
(وَ) هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (بِعِبَادِهِ) جَمْعُ عَبْدٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْإِنْسَانُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا فَقَدْ دُعِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخِي لَنْ تَنَالَ الْعِلْمَ إلَّا بِسِتَّةٍ ... سَأُنْبِيكَ عَنْ تَفْصِيلِهَا بِبَيَانِ
ذَكَاءٌ وَحِرْصٌ وَاجْتِهَادٌ وَبُلْغَةٌ ... نَصِيحَةُ أُسْتَاذٍ وَطُولُ زَمَانٍ
وَلِبَعْضِهِمْ:
إنَّ الْمُعَلِّمَ وَالطَّبِيبَ كِلَاهُمَا ... لَا يَنْصَحَانِ إذَا هُمَا لَمْ يُكْرَمَا
فَانْظُرْ لِدَائِك إنْ جَفَوْت طَبِيبَهُ ... وَانْظُرْ لِجَهْلِك إنْ جَفَوْت مُعَلِّمَا
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُقْدِرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ إلَخْ) فِي تَصْوِيرِ الصَّوَابِ بِهَذَا نَظَرٌ وَاللَّائِقُ شَرْحُهُ بِقَوْلِ سم، وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ بِأَنْ يَرْزُقَنِي مُوَافَقَةَ مَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْوَاقِعِ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ تَفْسِيرٌ لِلتَّوْفِيقِ فَقَطْ بَلْ لَا يُنَاسِبُ إلَّا لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ التَّوْفِيقُ لِإِتْمَامِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُطَابَقَةَ مَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَنْ لَمْ يُوَافِقْهُ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ، أَمَّا الْمُخْطِئُ فِي الْأُصُولِ وَهِيَ الْمُعْتَقَدَاتُ فَهُوَ آثِمٌ كَالْمُعْتَزِلَةِ وَسَائِرِ مَنْ خَالَفَ أَهْلَ السُّنَّةِ.
قَوْلُهُ: (كَرِيمٌ) أَيْ مُعْطٍ جَوَادٌ أَيْ كَثِيرُ الْجُودِ أَيْ الْعَطَاءِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي. وَالْجَوَادُ بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَارِدٌ وَأَمَّا بِتَشْدِيدِهَا فَلَمْ يَرِدْ، فَيَحْرُمُ إطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُخْتَارِ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّامِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَشَاءُ) مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيرِ أَيْ قَادِرٌ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الَّتِي بِهَذَا الْوَزْنِ كَرَحِيمٍ أَيْ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ أَيْ يُرِيدُهُ فَفِيهِ حَذْفُ الْمَفْعُولِ أَيْ مِنْ الْمُمْكِنَاتِ، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحِيلَاتِ.
وَالْمَشِيئَةُ وَالْإِرَادَةُ بِمَعْنًى وَهُمَا لُغَةً ضِدُّ الْكَرَاهَةِ وَاصْطِلَاحًا صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ فِي الْأَزَلِ بِتَخْصِيصِ الْحَوَادِثِ بِأَوْقَاتِ حُدُوثِهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هِيَ صِفَةٌ فِي الْحَيِّ تُوجِبُ تَخْصِيصَ أَحَدِ الْمَقْدُورَيْنِ فِي أَحَدِ الْأَوْقَاتِ بِالْوُقُوعِ مَعَ اسْتِوَاءِ نِسْبَةِ الْقُدْرَةِ إلَى كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَقَرَّبَ الْمُتَكَلِّمُونَ ذَلِكَ لِلْفَهْمِ بِمِثَالٍ فَقَالُوا إذَا وَضَعَ لَك شَخْصٌ رَغِيفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ وَقَالَ خُذْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَخْذُك أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ تَخْصِيصٌ لِأَحَدِ الْمَقْدُورَيْنِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ عَنْ الْآخَرِ مَعَ اسْتِوَاءِ نِسْبَةِ الْقُدْرَةِ إلَى الْكُلِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِرَادَةِ م د.
قَوْلُهُ: (أَيْ يُرِيدُ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَرَادُفِ مَعْنَى الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ ع ش.
قَوْلُهُ: (أَيْ قَادِرٌ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ عَامُّ الْقُدْرَةِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى تَسَاوِي مَعْنَى فَاعِلٍ وَفَعِيلٍ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ع ش.
قَوْلُهُ: (تُؤَثِّرُ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ الذَّاتُ فَقَوْلُهُ تُؤَثِّرُ أَيْ مَجَازًا مِنْ الْإِسْنَادِ لِلسَّبَبِ لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ قُدْرَةَ اللَّهِ تُؤَثِّرُ فَقَدْ كَفَرَ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ تَعَلُّقِهَا بِهِ) أَيْ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا عَلَى وَفْقِ الْإِرَادَةِ فَقَوْلُ م د. تَعَلُّقًا صُلُوحِيًّا لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِيهِ عِنْدَ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ.
قَوْلُهُ: (الثَّمَانِيَةِ) الْمَنْظُومَةُ فِي قَوْلِهِ:
حَيَاةٌ وَعِلْمٌ قُدْرَةٌ وَإِرَادَةٌ ... كَلَامٌ وَإِبْصَارٌ وَسَمْعٌ مَعَ الْبَقَا
صِفَاتٌ لِذَاتِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ لَدَى الْأَشْعَرِيِّ الْحَبْرِ ذِي الْعِلْمِ وَالتُّقَى وَالْحَقُّ أَنَّ الْبَقَاءَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ سُبْحَانَهُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنَّهُ لِأَنَّ. قَوْلَهُ: لَطِيفٌ، مَعْطُوفٌ عَلَى

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست