responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 57
سَلْخَ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِهِ، وَانْتَشَرَ عِلْمُهُ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ وَتَقَدَّمَ عَلَى الْأَئِمَّةِ فِي الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ: «عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا» وَمِنْ كَلَامِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -:
أَمَتُّ مَطَامِعِي فَأَرَحْت نَفْسِي ... فَإِنَّ النَّفْسَ مَا طَمِعَتْ تَهُونُ
وَأَحْيَيْت الْقُنُوعَ وَكَانَ مَيْتًا ... فَفِي إحْيَائِهِ عِرْضٌ مَصُونُ
إذَا طَمَعٌ يَحِلُّ بِقَلْبِ عَبْدٍ ... عَلَتْهُ مَهَانَةٌ وَعَلَاهُ هُونُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ الْمَدَارُ وَالْمَرْجِعُ فِي الْأَحْكَامِ؛ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ تَوَلَّى الْقُطْبَانِيَّةَ وَتُوُفِّيَ وَهُوَ قُطْبٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ شَيْخُنَا حِفْنِيٌّ لِأَنَّ الْحَالَ تَدُلُّ عَلَى الْمُقَارَنَةِ.
قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْجُمُعَةِ) وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ.
قَوْلُهُ: (سَلْخَ رَجَبٍ) أَيْ آخِرَ يَوْمٍ مِنْهُ. قَالَ الرَّبِيعُ: رَأَيْت فِي الْمَنَامِ قَبْلَ مَوْتِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَيَّامٍ أَنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه مَاتَ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُخْرِجُوا جِنَازَتَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْت سَأَلْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَقَالَ: هَذَا مَوْتُ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَمَا كَانَ إلَّا يَسِيرُ حَتَّى مَاتَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
قَوْلُهُ: (بِالْقَرَافَةِ) وَهِيَ الصُّغْرَى، وَأُرِيدَ بَعْدَ أَزْمِنَةِ نَقْلِهِ مِنْهَا لِبَغْدَادَ فَظَهَرَ مِنْ قَبْرِهِ لَمَّا فُتِحَ رَوَائِحُ طَيِّبَةٌ عَطَّلَتْ الْحَاضِرِينَ عَنْ إحْسَاسِهِمْ فَتَرَكُوهُ. قَالَ الْقُضَاعِيُّ: الشَّافِعِيُّ مَدْفُونٌ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ بِمِصْرَ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَبْرُ الْبَحْرِيُّ مِنْ الْقُبُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَحْتَ مِصْطَبَةٍ وَاحِدَةٍ غَرْبِيِّ الْخَنْدَقِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ) تَقَدُّمُهُ فِي الْخِلَافِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِمْ فِي الْوِفَاقِ فَمَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ «عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا» ) وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا تَسُبُّوا قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا» قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا الْعَالِمُ هُوَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْشَرْ فِي طِبَاقِ الْأَرْضِ مِنْ عِلْمِ عَالِمٍ مَا انْتَشَرَ مِنْ عِلْمِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مِنْ بَيْنِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَنْ تَعَرَّضَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَذْهَبِهِ بِسُوءٍ أَوْ نَقْصٍ هَلَكَ قَرِيبًا، وَأَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللَّهُ» .
قَوْلُهُ: (أَمَتّ مَطَامِعِي إلَخْ) وَهُوَ مِنْ الْوَافِرِ. وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَتَخْيِيلٌ حَيْثُ شَبَّهَ الْمَطَامِعَ بِأَشْخَاصٍ أَحْيَاءٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَاسْتَعَارَ الْأَشْخَاصَ لِلْمَطَامِعِ فِي النَّفْسِ وَأَمَتّ تَخْيِيلٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ فِي أَمَتّ اسْتِعَارَةً تَبَعِيَّةً حَيْثُ شَبَّهَ التَّرْكَ بِالْإِمَاتَةِ وَاسْتَعَارَ الْإِمَاتَةَ لِلتَّرْكِ وَاشْتَقَّ مِنْ الْإِمَاتَةِ أَمَتّ بِمَعْنَى تَرَكْت.
قَوْلُهُ: (مَا طَمِعَتْ تَهُونُ) أَيْ تَهُونُ مُدَّةُ طَمَعِهَا فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَأَحْيَيْتُ الْقُنُوعَ) مَصْدَرُ قَنِعَ بِكَسْرِ النُّونِ كَرَضِيَ وَزْنًا وَمَعْنًى، فَهُوَ بِضَمِّ الْقَافِ بِمَعْنَى الْقَنَاعَةِ، وَلِبَعْضِهِمْ:
خُذْ الْقَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وَارْضَ بِهَا ... وَاجْعَلْ نَصِيبَك مِنْهَا رَاحَةَ الْبَدَنِ
وَانْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا ... هَلْ رَاحَ مِنْهَا سِوَى بِالْقُطْنِ وَالْكَفَنِ
قَوْلُهُ: (عِرْضٌ) فِي نُسْخَةٍ عِرْضِي وَالْعِرْضُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَحَلُّ الذَّمِّ وَالْمَدْحِ مِنْ الْإِنْسَانِ.
قَوْلُهُ: (عَلَتْهُ مَهَانَةٌ) أَيْ اسْتِخْفَافٌ مِنْ الْخَلْقِ بِهِ، وَعَلَاهُ هُونٌ أَيْ ذُلٌّ وَهُوَ عَطْفُ مُسَبِّبٍ، وَمِنْ كَلَامِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
يَا مَنْ يُعَانِقُ دُنْيَا لَا بَقَاءَ لَهَا ... يُمْسِي وَيُصْبِحُ فِي دُنْيَاهُ سَفَّارًا
هَلَّا تَرَكْت لِذِي الدُّنْيَا مُعَانَقَةً حَتَّى ... تُعَانِقَ فِي الْفِرْدَوْسِ أَبْكَارَا
إنْ كُنْت تَبْغِي جِنَانَ الْخُلْدِ تَسْكُنُهَا ... فَيَنْبَغِي لَك أَنْ لَا تَأْمَنَ النَّارَا

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست