responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 440
يُعْفَى عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ حَتَّى دَاخِلَ أَنْفِهِ أَوْ فَمِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ مَكَانِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَإِنَّمَا جَعَلَ دَاخِلَ الْأَنْفِ وَالْفَمِ هُنَا كَظَاهِرِهِمَا بِخِلَافِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي عَيْنِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا وَلَا يَجِبُ غَسْلُهَا فِي الطَّهَارَةِ، فَلَوْ أَكَلَ مُتَنَجِّسًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَغْسِلْ فَمَه، وَلَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ بِهَا لَزِمَنَا إعْلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. كَمَا لَوْ رَأَيْنَا صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا مَنْعُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِصْيَانٌ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطُّيُورِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله مَنْزِلَةَ الْمَحْسُوسِ بَلْ قِيلَ إنَّ أَهْلَ الْبَصَائِرِ تُشَاهِدُهُ ظُلْمَةً ق ل قَوْلُهُ بِتَبْعِيضِهِ الْمُرَادُ بِهِ التَّبْعِيضُ فِي أَجْزَاءِ الْعُضْوِ فَيَكُونُ غَيْرَ مَا بَعْدَهُ

قَوْلُهُ: (وَطَهَارَةُ النَّجَسِ) أَيْ وَالطَّهَارَةُ مِنْ النَّجَسِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَمِنْ النَّجَسِ عَطْفًا عَلَى الْحَدَثِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَعْضَاءِ أَجْزَاءَ الْبَدَنِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ أَعْضَاءً أَوْ لَا. وَحَمَلَ الشَّارِحُ عَلَى مَا صَنَعَهُ قَصْدُ التَّعْمِيمِ فِي النَّجَسِ بِكَوْنِهِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ؛ وَلِأَنَّهُ سَيَأْتِي طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ بِقَوْلِهِ بِلِبَاسٍ طَاهِرٍ وَالْوُقُوفُ عَلَى مَكَان طَاهِرٍ، فَلَا وَجْهَ لِمَا صَنَعَهُ، فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (حَتَّى دَاخِلِ أَنْفِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بَدَنِهِ عَلَى أَنَّ حَتَّى عَاطِفَةً أَوْ هُوَ مَجْرُورٌ بِهَا عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ جَرٍّ اهـ م د. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَتَّى الْجَارَّةَ تَكُونُ بِمَعْنَى إلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] وَهُوَ لَا يَظْهَرُ هُنَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَكَانِهِ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ ق ل: ذِكْرُ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ هُنَا مُسْتَدْرَكٌ. قَوْلُهُ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَعْنَاهَا الطَّهَارَةُ عَنْ النَّجَسِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِلطَّهَارَةِ فِي الْبَدَنِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.
قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فَفِيهِ مُصَادَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ الدَّعْوَى فِي الدَّلِيلِ، وَلَوْ قَالَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُزَالُ عَنْ الشَّهِيدِ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ دَمِ الشَّهَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكَانَ أَوْلَى. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ عَلَى وُجُوبِ غَسْلٍ دَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ بِوُجُوبِ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنِ فَلَا مُصَادَرَةَ تَأَمَّلْ. اهـ. م د. وَفِيهِ أَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ الْعَيْنِ مِنْ جُمَلِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ دَاخِلِ الْأَنْفِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ) وَكَذَلِكَ مِنْ صَلَّى بِالْفِعْلِ بِالْأَوْلَى، فَقَوْلُهُ فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ لَيْسَ قَيْدًا.
قَوْلُهُ: (لَزِمَنَا إعْلَامُهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ صَلَّى مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْبُطْلَانَ مَعَهُ ع ش عَلَى م ر. كَمَا لَوْ رَأَيْنَا مَالِكِيًّا يُصَلِّي وَعَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ غَائِطٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُنَا إعْلَامُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَيْنَا رَوْثَ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا يَلْزَمُنَا إعْلَامُهُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ) أَيْ عِصْيَانِ الشَّخْصِ الْمَأْمُورِ. وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الَّذِي عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا فَلَا يَكُونُ عَاصِيًا حِينَئِذٍ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ رَأَيْنَا صَبِيًّا) وَمِثْلُهُ مَجْنُونٌ بِالْأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ إلَخْ) مِثْلُ الْمَكَانِ الْفُرُشُ فَيُعْفَى عَنْهُ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْمَكَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ انْتَشَرَ ذَرْقُ الطُّيُورِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَا الْفُرُشُ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا فِيمَا يَظْهَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَ الْعَفْوَ بِذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيَّنٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا أَوْ رِجْلُهُ مُبْتَلَّةً كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّي غَيْرَ مَحَلِّهِ اهـ بِالْحَرْفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَعْدِلًا عَنْهُ وَلَا طَرِيقًا غَيْرَهُ كَالْمَمْشَاةِ فِي مَطْهَرَةِ الْمَسْجِدِ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْعَفْوُ، وَهُوَ قَرِيبٌ لِلْمَشَقَّةِ ع ش.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ ذَرْقِ الطُّيُورِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ إمْسَاسَهُ، وَأَنْ لَا تَكُونَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ،

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 440
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست