responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 36
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ مِنْ شَيْخٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِهِ. قَالُوا: وَاخْتَصَّتْ مِنْ بَيْنِ الْأَذْكَارِ بِأَنَّهَا تُذْهِبُ حَرَارَةَ الطِّبَاعِ وَتُقَوِّي النُّفُوسَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا تُثِيرُ حَرَارَةً فِيهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَسَلَّمَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الْإِتْيَانَ بِالسَّلَامِ لِيَخْرُجَ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ، وَلِيَخْرُجَ الشَّيْخُ أَيْ الشَّارِحُ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الْمَتْنِ مَعَ شَرْحِهِ الْمَزْجُ يُنْسَبُ لِلشَّيْخِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (عَلَى سَيِّدِنَا) أَيْ مَعَاشِرِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» . وَإِذَا سَادَ وَلَدَ آدَمَ سَادَ غَيْرَهُمْ بِالْأَوْلَى، وَأَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أُولُو الْعَزْمِ، وَهُمْ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
وَتَرْتِيبُهُمْ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ:
مُحَمَّدٌ إبْرَاهِيمُ مُوسَى كَلِيمُهُ ... فَعِيسَى فَنُوحٌ هُمْ أُولُو الْعَزْمِ فَاعْلَمْ
اهـ اج.
وَالْمُرَادُ بِالْعَزْمِ تَحَمُّلُ الْمَشَاقِّ الْعَظِيمَةِ وَسِيَادَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا اعْتِبَارَ بِتَفْضِيلِ الزَّمَخْشَرِيِّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي لُبٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَفْضُلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا تَفْضُلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» وَنَحْوُهُمَا، فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إلَى نَقْصٍ فِي مَرَاتِبِ النَّبِيِّينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ صَرِيحٌ أَوْ نَهْيٌ عَنْ تَفْضِيلٍ فِي أَصْلِ النُّبُوَّةِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ فِي ذَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَفَاوِتِينَ فِي الْخَصَائِصِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253] أَوْ كَانَ النَّهْيُ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَلِهَذَا لَمَّا أَعْلَمَهُ قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» أَيْ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فَخْرًا بَلْ إخْبَارًا بِالْوَاقِعِ وَالسَّيِّدُ أَصْلُهُ سَيْوِدٌ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ، وَلَهُ إطْلَاقَاتٌ يُقَالُ: السَّيِّدُ مَنْ كَثُرَ سَوَادُهُ أَيْ جَيْشُهُ أَوْ مَنْ سَادَ قَوْمُهُ وَعَلَا عَلَيْهِمْ أَوْ مَنْ تَفْزَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فِي الْخُطُوبِ أَيْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَيُطْلَقُ السَّيِّدُ أَيْضًا عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ فَاضِلًا فِي نَفْسِهِ مُهَذَّبًا حَلِيمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَيْشٌ. وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُونَ السَّيِّدَ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ مَذَاهِبُ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا جَوَازُ إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ. ثَانِيهَا وَنُسِبَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ أَبَدًا. ثَالِثُهَا أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى اللَّهِ، وَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَرُدُّ هَذَا الثَّالِثَ. قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ ابْنِي هَذَا أَيْ الْحَسَنَ سَيِّدٌ» .
تَنْبِيهٌ: أَفْضَلُ الْخَلْقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَبِيُّنَا إجْمَاعًا، ثُمَّ الْخَلِيلُ، ثُمَّ الْكَلِيمُ، ثُمَّ عِيسَى، ثُمَّ نُوحٌ، ثُمَّ بَاقِي الْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الرُّسُلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ بَاقِيهِمْ، ثُمَّ صُلَحَاءُ الْمُؤْمِنِينَ. وَالتَّفْضِيلُ إمَّا لِكَثْرَةِ الثَّوَابِ أَوْ كَثْرَةِ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ، فَنَبِيُّنَا أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِهِمْ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَالَمِ، وَجُمْلَةً بِمَعْنَى أَنَّ انْفِرَادَهُ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِ مُجْتَمِعِينَ بِدَلِيلِ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] ، أَيْ فِي أُصُولِ الدِّينِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَهُمْ لَا الْفُرُوعِ؛ إذْ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْهَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ إذَا فَعَلَ مِثْلَ الْجَمَاعَةِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ فِي الْفَضْلِ وَاجِبُ الِاعْتِقَادِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا اللَّقَانِيِّ فِي شَرْحِ الْجَوْهَرَةِ.
وَعِبَارَةُ الْقَسْطَلَّانِيِّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي بَابِ حُبِّ الرَّسُولِ فَحَقِيقَةُ الْإِيمَانِ لَا تَتِمُّ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِتَحْقِيقِ إعْلَاءِ قَدْرِهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ هَذَا فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ. قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ: أَيْ كَامِلِ الْإِيمَانِ حَتَّى لَا يَكْفُرَ مَنْ فَضَّلَ نَحْوَ عِيسَى عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ عَلَى الْمُصَنَّفِ.
قَوْلُهُ: (النَّبِيِّ) اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ النُّبُوَّةِ عَلَى الرِّسَالَةِ، لِأَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ النُّبُوَّةِ فَاسْتِحْقَاقُهُ لَهَا بِسَبَبِ الرِّسَالَةِ أَوْلَى وَلِمُوَافَقَةِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] وَلِأَنَّ النُّبُوَّةَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ عَلَى مَا قِيلَ،

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست