responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 358
تَنْبِيهٌ: يَحِلُّ لِمَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ أَذْكَارُ الْقُرْآنِ وَغَيْرُهَا كَمَوَاعِظِهِ وَأَخْبَارِهِ وَأَحْكَامِهِ لَا بِقَصْدِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ عِنْدَ الرُّكُوبِ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] أَيْ مُطِيقِينَ، وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] وَمَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ بِلَا قَصْدٍ فَإِنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الذِّكْرِ حُرِّمَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا. كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِحُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَالْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ، وَفِيمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ الرَّوْضَةِ، أَمَّا إذَا قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ لَا عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ فَيَجُوزُ.

(وَ) الرَّابِعُ (مَسُّ) شَيْءٍ مِنْ (الْمُصْحَفِ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ لَكِنَّ الْفَتْحَ غَرِيبٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَرَقُهُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَيَحْرُمُ أَيْضًا مَسُّ جِلْدِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ، وَلِهَذَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ إلَخْ) هَذَا التَّنْبِيهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مَحَلُّ حُرْمَةِ الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَتْ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ أَوْ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ. قَوْلُهُ: (يَحِلُّ إلَخْ) كَلَامُهُ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَدُخُولُ غَيْرِهِمَا مَعَهُمَا اسْتِطْرَادِيٌّ تَأَمَّلْ ق ل. قَوْلُهُ: (كَمَوَاعِظِهِ) أَيْ مَا فِيهِ تَرْغِيبٌ أَوْ تَرْهِيبٌ. قَوْلُهُ: (وَأَخْبَارِهِ) أَيْ عَنْ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَحْكَامِهِ) أَيْ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ. قَوْلُهُ: (وَمَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ بِلَا قَصْدٍ) بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا) كَمَا لَا يَحْرُمُ إذَا قَصَدَ الذِّكْرَ فَقَطْ، فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ يَحِلُّ فِي ثِنْتَيْنِ، وَيَحْرُمُ فِي ثِنْتَيْنِ وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ الدَّائِرَ صَادِقٌ بِالْقُرْآنِ فَيَحْرُمُ لِصِدْقِهِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَخْ) أَيْ لَا يَكُونُ قُرْآنًا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ إلَّا بِالْقَصْدِ، وَإِلَّا فَهُوَ قُرْآنٌ مُطْلَقًا، أَوْ الْمَعْنَى لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ كَأَنْ أَجْنَبَ وَفَقَدَ الطَّهُورَيْنِ وَصَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ بِلَا طُهْرٍ، وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْقُرْآنِ، بَلْ يَكُونُ قُرْآنًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا صَارِفَ فَاحْفَظْهُ وَاحْذَرْ خِلَافَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ عَدَمِ التَّحْرِيمِ.
قَوْلُهُ: (كَالْآيَتَيْنِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ إذْ الْمَذْكُورُ هُنَا مِنْ كُلٍّ بَعْضُ آيَةٍ.
قَوْلُهُ: (كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَهُوَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مَسُّ الْمُصْحَفِ) حَتَّى حَوَاشِيهِ وَمَا بَيْنَ سُطُورِهِ وَالْوَرَقِ الْبَيَاضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جِلْدِهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ، وَيَحْرُمُ الْمَسُّ وَلَوْ بِحَائِلٍ، وَلَوْ كَانَ ثَخِينًا حَيْثُ يُعَدُّ مَاسًّا لَهُ عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْفَتْحَ غَرِيبٌ) أَيْ وَأَصْلُهُ الضَّمُّ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالْمُصْحَفُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَأَصْلُهُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَصْحَفَ أَيْ جُمِعَتْ فِيهِ الصُّحُفُ وَالصَّحِيفَةُ الْكِتَابُ وَالْجَمْعُ صُحُفٌ وَصَحَائِفُ اهـ بِحُرُوفِهِ أَيْ: لِأَنَّهُ مَجْمُوعٌ فِيهِ الْكُتُبُ وَهَلْ يَحْرُمُ تَصْغِيرُهُ بِأَنْ يُقَالَ فِيهِ مُصَيْحِفٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْخَطُّ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَلَامَ اللَّهِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. قَوْلُهُ: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَيَجُوزُ إبْقَاؤُهُ عَلَى خَبَرِيَّتِهِ، وَنَقُولُ: لَا خُلْفَ فِي خَبَرِهِ تَعَالَى؛ إذْ يُرَادُ لَا يَمَسُّهُ مَسًّا مَشْرُوعًا وَالْمُطَهَّرُونَ بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرُونَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَعْرِضُ لَهُ الْحَدَثُ، ثُمَّ الطُّهْرُ لَا مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ مُطَهَّرًا وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ؛ إذْ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ نَفْيُ مَسِّ غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَالْمُشَاهَدِ اج. وَفِي حَاشِيَةِ خَضِرٍ عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَإِلَّا لَزِمَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِّرِ يَمَسُّهُ. فَإِنْ قُلْت: بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ وبالمطهرون الْمَلَائِكَةُ، قُلْت: الْوَصْفُ بِالتَّنْزِيلِ عَقِبَ الْآيَةِ ظَاهِرٌ فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي عِنْدَنَا وَالنَّهْيُ لَا يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ لِلْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مُطَهَّرُونَ، فَلَا يَصْدُقُ فِيهِمْ النَّفْيُ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست