responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 340
أَيْ الْحَيْضِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» قَالَ الْجَاحِظُ فِي كِتَابِ الْحَيَوَانِ: وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ أَرْبَعَةٌ الْآدَمِيَّاتُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ وَجَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:
أَرَانِبُ يَحِضْنَ وَالنِّسَاءُ ... ضَبُعٌ وَخُفَّاشٌ لَهَا دَوَاءٌ
وَزَادَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَرْبَعَةً أُخَرَ وَهِيَ: النَّاقَةُ وَالْكَلْبَةُ وَالْوَزَغَةُ وَالْحِجْرُ أَيْ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ. وَلَهُ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ حَيْضٌ وَطَمْثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ وَضَحِكٌ وَإِكْبَارٌ وَإِعْصَارٌ وَدِرَاسٌ وَعِرَاكٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفِرَاكٌ بِالْفَاءِ وَطَمْسٌ بِالسِّينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَى زَمَانِهِ وَعَلَى الدَّمِ، وَالْمَحَلُّ وَالزَّمَانُ لَا يَتَّصِفَانِ بِالْأَذَى، وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِهِ الدَّمُ فَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ بِهِ. وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ «أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنْ الْبُيُوتِ وَلَمْ يُسَاكِنُوهَا وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا، فَسَأَلَتْ الصَّحَابَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» ، بِرْمَاوِيٌّ. فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا حُضُورُ الْمُحْتَضَرِ، وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ مَا مَسَّتْهُ بِطَبْخٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا فِعْلُهَا لَهُ، وَلَا غَسْلُ الثِّيَابِ، وَفِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ: كَانَتْ النَّصَارَى يُجَامِعُونَ الْحَائِضَ وَالْيَهُودُ يُحَرِّمُونَ مُخَالَطَتَهَا، وَيَعْتَزِلُونَهُنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْقَصْدَ أَيْ التَّوَسُّطَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْجِمَاعِ، وَجَوَازُ الْمُخَالَطَةِ.
قَوْلُهُ: (كَتَبَهُ اللَّهُ) أَيْ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ وَلَوْ حُكْمًا، فَتَدْخُلُ حَوَّاءُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ بِنْتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَيْسَرِ، بِأَنْ سُلَّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَأَلُّمٍ وَخُلِقَتْ مِنْهُ، وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ إنْسَانٍ نَاقِصًا ضِلْعًا مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ فَأَضْلَاعُ جِهَةِ الْيَمِينِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَأَضْلَاعُ جِهَةِ الْيَسَارِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ: إنَّهَا خُلِقَتْ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ ح ف. وَالْمُرَادُ بِبَنَاتِ آدَمَ غَالِبُهُنَّ فَلَا يُنَافِي عَدَمُ الْحَيْضِ فِي بَعْضِهِنَّ كَسَيِّدَتِنَا فَاطِمَةَ بِنْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِذَلِكَ وُصِفَتْ بِالزَّهْرَاءِ، وَحِكْمَتُهُ عَدَمُ فَوَاتِ زَمَنٍ عَلَيْهَا بِلَا عِبَادَةٍ. وَرُوِيَ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَقْتَ غُرُوبِ الشَّفَقِ وَطَهُرَتْ مِنْ النِّفَاسِ وَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ الْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا، وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَحْظَةٌ، وَإِنَّمَا لَمْ تَحِضْ؛ لِأَنَّ أَصْلَ خِلْقَتِهَا كَانَ مِنْ تُفَّاحِ الْجَنَّةِ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْجَنَّةَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ أَعْطَاهُ رِضْوَانُ تُفَّاحَةً مِنْ تُفَّاحِ الْجَنَّةِ كَانَ رِيحُهَا أَطْيَبَ مِنْ الْمِسْكِ وَأَلْيَنَ مِنْ الزُّبْدِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ، فَلَمَّا أَكَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقَوَّى بِهَا وَتَفَرَّقَتْ الْقُوَّةُ فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ، فَجَامَعَ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَرَاحَ مَعَهَا رِيحُ الْمِسْكِ مِنْ تُفَّاحِ الْجَنَّةِ، وَكَانَ لَهَا نُورٌ يُضِيءُ مِنْهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» ، حَتَّى رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْت أَسْلُكُ السِّلْكَ أَيْ أُدْخِلُ الْخَيْطَ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مِنْ نُورِ وَجْهِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ زَهْرَاءَ. ذَكَرَهُ فِي تُحْفَةِ السَّائِلِ. اهـ. وَمِثْلُ بَنَاتِ آدَمَ الْجِنُّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ الْجَاحِظُ) لَقَبٌ لِعَالِمٍ مَشْهُورٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ جَحَظَتْ عَيْنُهُ كَمَنْ جُرِحَتْ مُقْلَتُهُ أَوْ عَظُمَتْ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ بَحْرِ بْنِ مَحْبُوبٍ أَبُو عُثْمَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قِيلَ: وَهُوَ جُحَا الْمَشْهُورِ. وَقَالَ الشَّعْرَانِيُّ: لَيْسَ هُوَ جُحَا؛ لِأَنَّ جُحَا وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَكَانَ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَا حُكِيَ عَنْهُ كَذِبٌ.
قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي يَحِيضُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِحَيْضِ غَيْرِ النِّسَاءِ رُؤْيَةُ دَمٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ زَمَنٍ لَهَا وَلَا غَيْرِهِ فَهُوَ حَيْضٌ لُغَوِيٌّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ سم وَلَا أَثَرَ لِحَيْضِ غَيْرِ النِّسَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَقَعْ، إلَّا إنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْهَا؛ إذْ لَا وَقْتَ لَهُ مُعَيَّنٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي النِّسَاءِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا بَعْضُ مَنْ نَظَمَهَا مِنْ الطَّوِيلِ بِقَوْلِهِ:
ثَمَانِيَةٌ مِنْ جِنْسِهَا الْحَيْضُ يَثْبُتُ ... وَلَكِنْ فِي غَيْرِ النَّسَا لَا يُؤَقَّتُ
نِسَاءٌ وَخُفَّاشٌ وَضَبُعٌ وَأَرْنَبٌ ... وَنَاقَةٌ مَعَ وَزَغٍ وَحِجْرٍ وَكَلْبَةٍ
وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْقِرَدَةِ، وَزَادَ الْمُنَاوِيُّ الْحِدَأَةَ وَزَادَ غَيْرُهُ السَّمَكَ.
قَوْلُهُ: (وَالْخُفَّاشُ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ.
قَوْلُهُ: (لَهَا دَوَاءٌ) أَيْ لِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ دَوَاءٌ بِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُبِسَ فِيهَا لَضَرَّهَا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى سَلَامَةِ طَبَائِعِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْحِجْرُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَرَاءٍ وَلَا تَلْحَقُهَا تَاءٌ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ) أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَ هُنَا وَإِلَّا فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ اسْمًا نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست