responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 329
لَمْ يُسَمَّ سَمَكًا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَطْعِمَةِ، وَالْجَرَادُ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. (وَ) إلَّا مَيْتَةَ (الْآدَمِيِّ) فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجِسِ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ: «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا أَوْ مَيِّتَا» فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ لَكَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرْ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُسَمَّ سَمَكًا؛ إذْ هُوَ الْمُحْدَثُ عَنْهُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَفِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ لَا يَجُوزُ أَكْلُ سَمَكٍ مُمَلَّحٍ لَمْ يُنْزَعْ مَا فِي جَوْفِهِ أَيْ مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الصَّيْدِ جَوَازَ أَكْلِ الصَّغِيرِ مَعَ مَا فِي جَوْفِهِ لِعُسْرِ تَنْقِيَةِ مَا فِيهِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ نَجَاسَتَهُ كَمَا يَأْتِي، وَأَلْحَقَ فِي الرَّوْضَةِ الْجَرَادَ بِالسَّمَكِ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الْعُبَابِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ مَا أُكِلَ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ) لَوْ قَالَ كُلُّ مَا لَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ق ل أَيْ: لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ حَوَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ. قَالَ الْعِمْرِيطِيُّ فِي نَظْمِ التَّحْرِيرِ:
وَكُلُّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ حَيٍّ يَحِلّْ ... وَإِنْ طَفَا أَوْ مَاتَ أَوْ فِيهِ قُتِلْ
فَإِنْ يَعِشْ فِي الْبَرِّ أَيْضًا فَامْنَعْ ... كَالسَّرَطَانِ مُطْلَقًا وَالضُّفْدَعِ
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ طَفَا أَيْ عَلَا. قَوْلُهُ: (وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ) وَالتَّاءُ فِي جَرَادَةٍ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّ جَرَادَةً يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ يُطْلَقُ إلَخْ وَفِي الْخَبَرِ: «لَا تَقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ جُنْدُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ» أَيْ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِفْسَادِ نَحْوِ الزَّرْعِ وَالْجُنْدُ الْعَسْكَرُ، وَمَكْتُوبٌ عَلَى جَنَاحِهِ جُنْدُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ لِلْوَاحِدَةِ مِنَّا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ بَيْضَةً، وَلَوْ تَمَّتْ لَنَا الْمِائَةُ لَأَكَلْنَا الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا. وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا رَبُّ الْجَرَادِ وَرَازِقُهَا أَبْعَثُهَا رِزْقًا لِقَوْمٍ يَأْكُلُونَهُ وَبَلَاءً لِآخَرِينَ» . وَقَالَ عُمَرُ: أَوَّلُ هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ الْجَرَادِ اهـ مِنْ الدَّمِيرِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ) وَمِثْلُهُ الْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْسَامٌ وَلَهَا مَيْتَةٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَشْبَاحٌ نُورَانِيَّةٌ تَنْعَدِمُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهَا كَالْفَتِيلَةِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْعَدِمُ طَاهِرَةً.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ نَجِسٌ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالشُّهَدَاءُ. وَهَلْ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ؟ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْبَغَوِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا: إنَّهُ يَطْهُرُ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَأْكُلُونَ بِالْأَيْدِي، وَغَيْرُهُمْ يَأْكُلُ بِفِيهِ مِنْ الْأَرْضِ، وَقِيلَ بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ بِالنُّطْقِ وَالتَّمْيِيزِ بِالْفَهْمِ، وَقِيلَ بِاعْتِدَالِ الْقَامَةِ، وَقِيلَ بِحُسْنِ الصُّورَةِ، وَقِيلَ الرِّجَالُ بِاللِّحَى وَالنِّسَاءُ بِالذَّوَائِبِ، وَقِيلَ بِتَسْلِيطِهِمْ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ وَتَسْخِيرِهِ لَهُمْ، وَقِيلَ بِحُسْنِ تَدْبِيرِهِمْ أَمْرَ الْمَعَاشِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ) أَيْ فَالْمَعْنَى إنَّمَا اعْتِقَادُ الْمُشْرِكِينَ كَالنَّجَاسَةِ فِي وُجُوبِ الِاجْتِنَابِ، فَفِي الْآيَةِ حَذْفُ مُضَافٍ عَلَى هَذَا وَتَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ فِيهَا اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً بِأَنْ شَبَّهَ الْفَاسِدَ بِالنَّجِسِ وَاسْتُعِيرَ النَّجِسُ لِلْفَاسِدِ بِجَامِعِ وُجُوبِ الِاجْتِنَابِ فِي كُلٍّ، فَالْمَعْنَى إنَّمَا اعْتِقَادُ الْمُشْرِكِينَ فَاسِدٌ، قَالَ ع ش: قَدْ يُقَالُ: الْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي الْمُشْرِكِينَ الْأَحْيَاءِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَمْوَاتِ. اهـ. م ر. فَالْآيَةُ حِينَئِذٍ تَكُونُ غَيْرَ وَارِدَةٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ ثَابِتَةً لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ تَكُونُ ثَابِتَةً لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بِالْأَوْلَى وَبَعْدَ جَوَابِ الشَّارِحِ تَكُونُ الطَّهَارَةُ ثَابِتَةً لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُهَا لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِقَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ بِنَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذِكْرِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ إلَّا الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ الْكُفَّارُ قَدْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْحُكْمِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (لَكَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ، لَكِنَّهُ أَمَرَ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست