responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 315
خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالتَّحْقِيقِ مِنْ النَّجَاسَةِ «لِأَنَّ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَنْ تَلِجَ النَّارَ بَطْنُك» صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ: دَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ «أَبَا طَيْبَةَ شَرِبَهُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ غُلَامٌ حِينَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَمَ حِجَامَتِهِ لِيَدْفِنَهُ فَشَرِبَهُ، فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ خَالَطَ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» . فَائِدَةٌ أُخْرَى: اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي حَصَاةٍ تَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَتُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْحَصْيَةِ هَلْ هِيَ نَجِسَةٌ أَمْ مُتَنَجِّسَةٌ تَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ فَهِيَ نَجِسَةٌ، وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ، (إلَّا) (الْمَنِيَّ) فَطَاهِرٌ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَفَرْعَ أَحَدِهِمَا: أَمَّا مَنِيُّ الْآدَمِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَلَّامَةُ الَأُجْهُورِيُّ: وَقَدْ وَقَعَ لِوَاعِظٍ ذِكْرُ صِفَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمِنْ جُمْلَةِ مَا قَالَهُ لِمَنْ يَعِظُهُمْ إنَّ بَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكُمْ اهـ. وَهُوَ صَحِيحٌ وَصَوَابٌ وَيُوَجَّهُ بِأُمُورٍ مِنْهَا: أَنَّ هَذَا الْوَاعِظَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ أَرْبَابِ الْكَشْفِ، وَقَدْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رِيَاءٍ فِي صَلَاتِهِمْ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ بَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَشْفَى بِهِ فَهُوَ نَافِعٌ وَصَلَاتُهُمْ غَيْرُ مُحَقِّقَةٍ الْقَبُولَ، فَبِهَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ صَارَ بَوْلُهُ خَيْرًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَخْيَرِيَّةَ بِاعْتِبَارِ النِّسْبَةِ، فَبَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ النِّسْبَةُ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِمْ مِنْ حَيْثُ نِسْبَتُهَا إلَيْهِمْ اهـ اج. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ) وَهِيَ جَارِيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ وَاسْمُهَا أُمُّ أَيْمَنَ. قَوْلُهُ: (لَنْ تَلِجَ) أَيْ تَدْخُلَ؛ لِأَنَّ الْوُلُوجَ الدُّخُولُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَنَهَاهَا عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهَا بِغَسْلِ فَمِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا عَلَى خَطَأٍ، وَهَذَا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَبَا طَيْبَةَ) هُوَ حَاجِمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) أَيْ عَدْلٌ رِوَايَةً، وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) تَحْتَهَا صُورَتَانِ أَخْبَرَ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ غَيْرِ الْبَوْلِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ.
قَوْلُهُ: (إلَّا الْمَنِيَّ فَطَاهِرٌ) وَلَوْ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ إنْ خَرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ فَيَكُونُ نَجِسًا. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ مِنْ الْآدَمِيِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: إنَّهُ طَاهِرٌ. زَادَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَا مَنِيُّ كُلِّ حَيَوَانٍ طَاهِرٌ؛ وَأَمَّا حُكْمُ التَّنَزُّهِ عَنْهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ رَطْبًا وَيَابِسًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُغْسَلُ رَطْبًا وَيُفْرَكُ يَابِسًا كَمَا وَرَدَ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ كَوْنُهُ يَخْرُجُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ غَالِبًا، فَلَا يَكَادُ الشَّخْصُ يَذْكُرُ أَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ تَعُمُّ جَسَدَهُ الْغَفْلَةُ تَبَعًا لِعُمُومِ اللَّذَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّذَّةَ النَّفْسَانِيَّةَ تُمِيتُ كُلَّ مَحَلٍّ مَرَّتْ عَلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا أَمَرَنَا الشَّارِعُ بِالْغُسْلِ مِنْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لِكُلِّ الْبَدَنِ إنْعَاشًا لِلْبَدَنِ الَّذِي فَتَرَ وَضَعُفَ مِنْ شِدَّةِ الْحِجَابِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ مَا حَجَبَ عَنْ اللَّهِ فَهُوَ رِكْسٌ عِنْدَ الْأَكَابِرِ بِخِلَافِ الْأَصَاغِرِ، فَكَلَامُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ خَاصٌّ بِالْأَكَابِرِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ خَاصٌّ بِعَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ، فَلِذَلِكَ غَسَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَارَةً وَفَرَكَهُ أُخْرَى تَشْرِيعًا لِلْأَكَابِرِ وَالْأَصَاغِرِ، فَافْهَمْ، شَعْرَانِيٌّ فِي الْمِيزَانِ. وَيَنْجُسُ الْمَنِيُّ مِنْ الْمُسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ، وَلِهَذَا حَرُمَ عَلَى الْمُسْتَنْجِي الْمَذْكُورِ أَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنِيُّ الْآدَمِيِّ) أَيْ الَّذِي يُمْكِنُ بُلُوغُهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ أَيْ تَحْدِيدِيَّةٍ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْكِنْ بُلُوغُهُ بِأَنْ رَآهُ دُونَ التِّسْعِ فَنَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ، وَلَا فَرْقَ فِي طَهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ بَيْنَ مَنِيِّ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَالْخُنْثَى بِشَرْطِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مَنِيًّا اهـ اج. وَأَمَّا اللَّبَنُ فَطَاهِرٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَلَوْ بِنْتَ يَوْمٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّبَنِ وَالْمَنِيِّ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللَّبَنِ التَّغَذِّي، وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَنِيِّ الِانْعِقَادُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْبُلُوغِ. فَائِدَةٌ: اللَّبَنُ أَفْضَلُ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ، وَاللَّحْمُ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِوَالِدِهِ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: وَاللَّحْمُ. . . إلَخْ أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَيِّدُ أُدُمِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» وَلِقَوْلِهِ أَيْضًا: «أَفْضَلُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» اهـ مِنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ. وَلِلْقَلْبِ فَرْحَةٌ عِنْدَ أَكْلِهِ، وَفِي الْإِحْيَاءِ لِلْغَزَالِيِّ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ مُدَاوَمَةَ أَكْلِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تُورِثُ قَسْوَةَ الْقَلْبِ وَتَرْكُهُ فِيهَا يُورِثُ سُوءَ الْخُلُقِ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الَأُجْهُورِيُّ بِقَوْلِهِ:
وَأَكْلُك لَحْمًا أَرْبَعِينَ عَلَى الْوِلَايَة ... يُقَسِّي فُؤَادًا بِالسُّرُورِ الَّذِي حَصَلْ
وَيُورِثُ سُوءَ الْخُلْقِ تَرْكٌ لَهُ بِهَا ... وَخَوْفُ جُذَامٍ ذَا بِالْإِحْيَاءِ قَدْ نُقِلْ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 315
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست