responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 312
هِيَ لُغَةً كُلُّ مَا يُسْتَقْذَرُ وَشَرْعًا مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا، فَكَانَتْ قَبْلَنَا تُقْطَعُ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْخَازِنُ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] يَعْنِي الْيَهُودَ فَمَعْنَاهُ لَا تُشَدِّدْ عَلَيْنَا كَمَا شَدَّدْت عَلَى الْيَهُودِ مِنْ قَبْلِنَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ بِأَدَاءِ رُبُعِ أَمْوَالِهِمْ زَكَاةً، وَمَنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ مِنْهُمْ نَجَاسَةٌ قَطَعَهَا، وَمَنْ أَصَابَ ذَنْبًا أَصْبَحَ وَذَنْبُهُ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَثْقَالِ، فَسَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ رَبَّهُمْ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُمْ بِرَحْمَتِهِ، وَخَفَّفَ عَنْهُمْ بِفَضْلِهِ وَكَرْمِهِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَمَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ قَطْعِ جُلُودِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى جِلْدِ الْفَرْوَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى أَحَدِهِمْ أَوْ جِلْدِهِمْ، وَلَعَلَّهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ مَحَلِّ النَّجْوِ مِنْهُمْ، كَمَا أَنَّ قَبُولَ تَوْبَتِهِمْ بِقَتْلِهِمْ، وَلَهُ تَعَالَى تَكْلِيفُ الْعَبْدِ بِمَا لَا يُطِيقُ. قَالَ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ: إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِمْ قَطْعُ مَحَلِّ خُرُوجِ الْحَاجَةِ عِنْدَ قَضَاءِ كُلِّ حَاجَةٍ اهـ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِوُجُوبِ إزَالَتِهَا هَلْ هُوَ فَوْرًا أَوْ هُوَ مَعَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ؟ فَهِيَ عَلَى التَّرَاخِي مَعَ الْقُدْرَةِ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ إنْ لَمْ يَعْصِ كَأَنْ تَضَمَّخَ بِهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَمِنْهُ التَّضَمُّخُ بِدَمِ الضَّحِيَّةِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ مِنْ تَزْوِيقِ الْأَبْوَابِ بِهِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِزَالَتُهُ وَاجِبَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْحَاجَةِ مَنْ بَالَ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلَهُ تَنْشِيفُ ذَكَرِهِ بِيَدِهِ، وَمَسْكُهُ بِهَا، وَمَنْ يَنْزَحُ الْأَخْلِيَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ حَيْثُ احْتَاجَ الْأَوَّلُ إلَى النِّيَّةِ دُونَ الثَّانِي؟ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى فِعْلٌ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا، وَهَذِهِ تَرْكٌ كَتَرْكِ نَحْوِ الزِّنَا، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الصَّوْمُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ تَرْكًا لِإِلْحَاقِهِ بِالْأَفْعَالِ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ كَفَّ النَّفْسِ وَقَمْعَ الشَّهْوَةِ وَمُخَالَفَةَ الْهَوَى. اهـ. رَحْمَانِيٌّ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَرَفٍ: وَإِزَالَتُهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ إنْ عَصَى بِسَبَبِهَا بِأَنْ تَضَمَّخَ بِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا عَصَى بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فَوْرًا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا عَصَى بِهِ فِي النَّجَاسَةِ أَثَرُهُ بَاقٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْجَنَابَةُ اهـ. وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهَا عَلَى التَّيَمُّمِ كَمَا صَنَعَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ طَبْعًا فَحَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ وَضْعًا. وَيُجَابُ: بِأَنَّهُ إنَّمَا اخْتَارَ هَذَا وَأَخَّرَهَا عَنْ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَقُدِّمَ لِلْمُنَاسِبَةِ بِخِلَافِهَا. وَالنَّجَاسَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْمَاءِ، وَقِسْمٌ يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا، وَقِسْمٌ يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ وَقِسْمٌ بِالْعَكْسِ؛ فَالْأَوَّلُ مَعْرُوفٌ، وَالثَّانِي مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ فَيُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْمَاءِ، وَالثَّالِثُ قَلِيلُ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَاءَ يُمْكِنُ صَوْنُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ. الثَّانِي: أَنَّ غَسْلَ الثَّوْبِ كُلَّ سَاعَةٍ يَقْطَعُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ، وَالرَّابِعُ الْمَيْتَةُ الَّتِي لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ يُعْفَى عَنْهَا فِي الْمَاءِ دُونَ الثَّوْبِ، وَكَذَلِكَ زِبْلُ الْفِئْرَانِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ الَّذِي فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ دُونَ الثَّوْبِ حَتَّى لَوْ صَلَّى حَامِلًا لَهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَوْ قِشْرَةَ قَمْلَةٍ، وَأَثَرُ التَّجْمِيرِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ حَتَّى لَوْ سَالَ مِنْهُ عَرَقٌ وَأَصَابَ الثَّوْبَ أَيْ: فِي الْمَحَلِّ الْمُحَاذِي لِلتَّجْمِيرِ عُفِيَ عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ دُونَ الْمَاءِ عَكْسُ مَنْفَذِ الطَّيْرِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَوَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يُنَجِّسْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ حَمَلَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ ذَكَرَهُ، ابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ. . . إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ الْقَلْيُوبِيُّ: النَّجَاسَةُ لَهَا إطْلَاقَانِ تُطْلَقُ عَلَى الْجُرْمِ، وَعَلَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِالْمَحَلِّ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَشُمُولُ تَعْرِيفِ الشَّارِحِ لِهَذَا بَعِيدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ، فَقَوْلُهُ: مُسْتَقْذَرٌ أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ جُرْمًا أَوْ وَصْفًا.
قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ. . . إلَخْ) . إنْ قُلْت: هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ، وَإِدْخَالُ الْأَحْكَامِ فِي التَّعْرِيفِ يُوجِبُ الدَّوْرَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ، فَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِهَا. أُجِيبَ: بِأَنَّهُ رَسْمٌ وَالرَّسْمُ لَا يَضُرُّ فِيهِ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست