responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 29
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ نَاقِصٌ غَيْرُ تَامٍّ فَيَكُونُ قَلِيلَ الْبَرَكَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد: " بِالْحَمْدِ لِلَّهِ ". وَجَمَعَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَغَيْرِهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ. وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ إذْ الِابْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ بِطَالِقٍ، فَالْحَقِيقِيُّ حَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ، وَالْإِضَافِيُّ بِالْحَمْدَلَةِ أَوْ أَنَّ الِابْتِدَاءَ لَيْسَ حَقِيقِيًّا بَلْ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ يَمْتَدُّ مِنْ الْأَخْذِ فِي التَّأْلِيفِ إلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ، فَالْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ مَبْدَؤُهَا الْخُطْبَةُ بِتَمَامِهَا

وَالْحَمْدُ اللَّفْظِيُّ لُغَةُ الثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكْرُوهًا كَذَلِكَ، وَلَا ذِكْرًا مَحْضًا، وَلَا جَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ مَبْدَأً غَيْرَ الْبَسْمَلَةِ فَتَحْرُمُ عَلَى الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ كَالزِّنَا بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِغَيْرِهِ كَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ فَتُسَنُّ وَتُكْرَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ لِذَاتِهِ كَأَكْلِ بَصَلٍ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ لِغَيْرِهِ كَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ فَتُسَنُّ، وَلَا تُطْلَبُ لِلذِّكْرِ الْمَحْضِ كَالتَّهْلِيلِ وَخَرَجَ بِالْمَحْضِ الْقُرْآنُ فَتُطْلَبُ فِيهِ التَّسْمِيَةُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْقَصَصِ وَالْأَحْكَامِ، فَتَعْتَرِي التَّسْمِيَةَ الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ فَقَطْ لِأَنَّ أَصْلَهَا النَّدْبُ، وَمَا كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبَ لَا تَعْتَرِيهِ الْإِبَاحَةُ فَتَكُونُ وَاجِبَةً فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَنَا.
فَإِنْ قُلْت: ذَكَرَ اللَّهُ الْمَأْتِيَّ بِهِ فِي افْتِتَاحِ الْأَمْرِ ذِي الْبَالِ لِتَحْصُلَ الْبَرَكَةُ فِيهِ وَهُوَ الْبَسْمَلَةُ أَمْرٌ ذُو بَالٍ، فَيَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ الْبَرَكَةِ فِيهِ إلَى سَبْقِ مِثْلِهِ وَيَتَسَلْسَلُ. قُلْت: هُوَ مُحَصِّلٌ لِلْبَرَكَةِ فِيهِ كَمَا هُوَ مُحَصِّلٌ لِلْبَرَكَةِ فِيمَا افْتَتَحَ بِهِ كَالشَّاةِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْأَمْرِ ذِي الْبَالِ فِي الْحَدِيثِ. اهـ. عَبْدُ الْحَقِّ. وَأَجَابَ م د بِقَوْلِهِ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأَمْرِ ذِي الْبَالِ أَيْضًا بِمَا يَكُونُ مَقْصُودًا لَا مَا يَكُونُ وَسِيلَةً إلَى الْمَقْصُودِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ أَمْرٌ ذُو بَالٍ، فَيَحْتَاجُ إلَى سَبْقِ مِثْلِهِ وَيَتَسَلْسَلُ اهـ. وَمَعْنَى الِاهْتِمَامِ بِهِ طَلَبُهُ أَوْ إبَاحَتُهُ.
فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقُرْآنَ إذَا لَمْ يُبْدَأْ بِالْبَسْمَلَةِ فِيهِ يَكُونُ نَاقِصًا. أَجَابَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: بِأَنَّ الْبَرَكَةَ فِي ذَلِكَ مَعْنَاهَا دَفْعُ الشَّيْطَانِ الَّذِي يُوَسْوِسُهُ فِي الْقِرَاءَةِ حَتَّى يَحْمِلَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ مَحْمَلِهِ، أَوْ يَلْهُوَ عَنْهُ لَا أَنَّهَا تُوجِبُ لِلْقُرْآنِ صِفَةَ كَمَالٍ وَشَرَفٍ بَلْ ذَلِكَ عَائِدٌ إلَى الْقَارِئِ، فَإِذَا لَمْ يَبْدَأْ بِالْبَسْمَلَةِ كَانَ ثَوَابُهُ نَاقِصًا فَالنَّقْصُ رَاجِعٌ لِلْقَارِئِ مِنْ جِهَةِ ثَوَابِهِ لَا لِلْقُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَبْدَأُ فِيهِ) اُسْتُشْكِلَ الْإِتْيَانُ بِفِي مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى يَسْتَقِيمُ بِدُونِهَا. وَأُجِيبُ: بِأَنَّ فِي سَبَبِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَبْدَأُ بِبَسْمِ اللَّهِ بِسَبَبِهِ وَلِأَجْلِهِ، فَيَقْتَضِي أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْبَسْمَلَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِأَجْلِ الْأَمْرِ لَا لِأَجْلِ غَيْرِهِ، فَإِذَا كَانَ شَارِعًا فِي السَّفَرِ مَعَ الْأَكْلِ وَبَسْمَلَ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَلَا تَحْصُلُ الْبُدَاءَةُ بِالْبَسْمَلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْلِ لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ السَّفَرِ وَبِسَبَبِهِ لَا بِسَبَبِ الْأَكْلِ شَيْخُنَا ح ف. وَالْإِشْكَالُ لَا يَرِدُ إلَّا إذَا فَسَّرَ يَبْدَأُ بِيَفْتَتِحُ، فَإِنْ فَسَّرَ بِيَشْرَعُ فَلَا إشْكَالَ.
قَوْلُهُ: (بِبَسْمِ اللَّهِ) الْبَاءُ الْأُولَى جَارَّةٌ، وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ جُزْءٌ مِنْ الْكَلِمَةِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبُ فَاعِلِ يَبْدَأُ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: أُدْخِلَتْ الْبَاءُ عَلَى الْبَاءِ لِأَنَّ الْبَاءَ الثَّانِيَةَ مُتَّصِلَةٌ فَنَزَلَتْ لِشِدَّةِ الْمُلَازَمَةِ مَنْزِلَةَ الْحَرْفِ مِنْ الْكَلِمَةِ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهَا الْبَاءُ الْخَافِضَةُ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ أَقْطَعُ) هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ لَا أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِهِ بِنَاقِصٍ، لِأَنَّ أَفْعَلَ مِنْ جُمْلَةِ أَوْزَانِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَهَذَا التَّرْكِيبُ وَنَحْوُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَالْأَصْلُ هُوَ كَأَقْطَعَ، وَأَنْ يَكُونَ اسْتِعَارَةً وَهُوَ مَذْهَبُ السَّعْدِ. وَمَيْلُ الشَّارِحِ هُنَا إلَيْهِ وَلَا جَمْعَ هُنَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، إذْ التَّقْدِيرُ هُوَ نَاقِصٌ كَالْأَقْطَعِ فَحَذَفَ الْمُشَبَّهَ وَهُوَ نَاقِصٌ بِأَنْ شَبَّهَ النَّاقِصَ بِالْأَقْطَعِ وَاسْتُعِيرَ لَهُ اسْمُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَوْنَهُ نَاقِصًا حِسًّا، بَلْ أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي الشَّرْعِ.
قَوْلُهُ: (بِالْحَمْدِ لِلَّهِ) أَيْ بِالرَّفْعِ فَإِنَّ التَّعَارُضَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: رَفْعِ الْحَمْدِ وَتَسَاوِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَوْنِ رِوَايَةِ الْبَسْمَلَةِ بِبَاءَيْنِ، وَكَوْنِ الْبَاءِ صِلَةَ يَبْدَأُ وَأَنْ يُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الِابْتِدَاءُ الْحَقِيقِيُّ. وَقَوْلُهُ: صِلَةَ يَبْدَأُ، فَإِنْ جُعِلَتْ لِلِاسْتِعَانَةِ فَلَا تَعَارُضَ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِشَيْءٍ لَا تُنَافِي الِاسْتِعَانَةَ بِآخَرَ، وَكَذَا إنْ جُعِلَتْ لِلْمُلَابَسَةِ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ حَقِيقِيًّا) أَيْ لُغَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ عُرْفًا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: بَلْ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ. اهـ. ق ل.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَالْإِضَافِيِّ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ الْمُطْلَقَ، فَبِالْبَسْمَلَةِ حَصَلَ الْحَقِيقِيُّ وَالْإِضَافِيُّ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست