responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 210
(أَوْ) بِعَارِضِ (مَرَضٍ) كَإِغْمَاءٍ أَوْ بِتَنَاوُلِ دَوَاءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ النَّوْمِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا أَمْ لَا. فَائِدَةٌ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْجُنُونُ يُزِيلُ الْعَقْلَ، وَالْإِغْمَاءُ يَغْمُرُهُ، وَالنَّوْمُ يَسْتُرُهُ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَوَائِلَ السُّكْرِ الَّذِي لَا يَزُولُ بِهِ الشُّعُورُ لَا يَنْقُضُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ فِي الْإِنْسَانِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَكِ، لَكِنَّهُ فِي النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ أَكْمَلُ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ:
عِلْمُ الْعَلِيمِ وَعَقْلُ الْعَاقِلِ اخْتَلَفَا ... مَنْ ذَا الَّذِي مِنْهُمَا قَدْ أَحْرَزَ الشَّرَفَا
فَالْعِلْمُ قَالَ أَنَا قَدْ حُزْتُ غَايَتَهُ ... وَالْعَقْلُ قَالَ أَنَا الرَّحْمَنُ بِي عُرِفَا
فَأَفْصَحَ الْعِلْمُ إفْصَاحًا وَقَالَ لَهُ ... بَأَيِّنَا اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ اتَّصَفَا
فَأَيْقَنَ الْعَقْلُ أَنَّ الْعِلْمَ سَيِّدُهُ ... وَقَبَّلَ الْعَقْلُ رَأْسَ الْعِلْمِ وَانْصَرَفَا
وَكَانَ الشَّيْخُ مُحْيِيَ الدِّينِ الْكَافِيجِيُّ يَقُولُ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الْإِفْضَاءِ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَالْعَقْلُ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَنْبَعًا لِلْعِلْمِ وَأَصْلًا لَهُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَضِيلَةَ الْعِلْمِ بِالذَّاتِ وَفَضِيلَةَ الْعَقْلِ بِالْوَسِيلَةِ إلَى الْعِلْمِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: " أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَهَبَطَ آدَمَ إلَى الْأَرْضِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْضَرَ لَك ثَلَاثَ خِصَالٍ لِتَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَتَتَخَلَّى عَنْ اثْنَتَيْنِ. فَقَالَ: وَمَا هُنَّ؟ . فَقَالَ: الْحَيَاءُ وَالدِّينُ وَالْعَقْلُ، فَقَالَ: اخْتَرْت الْعَقْلَ. فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلْحَيَاءِ وَالدِّينِ: ارْتَفَعَا فَقَدْ اخْتَارَ غَيْرَكُمَا. فَقَالَا: لَا نَرْتَفِعُ. قَالَ: أَعَصَيْتُمَا؟ قَالَا: لَا، وَلَكِنْ أُمِرْنَا أَنْ لَا نُفَارِقَ الْعَقْلَ ".
قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلْ الْعَقْلُ مِنْ قَبِيلِ الْأَعْرَاضِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْجَوَاهِرِ أَوْ لَا؟ . وَالْجَوَابُ: هُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ عَرْضٌ قَائِمٌ بِالْقَلْبِ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمَادَّةِ مُقَارِنٌ لَهَا فِي الْفِعْلِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (كَإِغْمَاءٍ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِوَلِيِّ حَالَةِ الذَّكَرِ فَيُنْقَضُ طُهْرُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وجَوَّزَ النَّوَوِيُّ وُقُوعَ الْإِغْمَاءِ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَقَيَّدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِغَيْرِ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْوُضُوءُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَيْسَ كَإِغْمَاءِ غَيْرِهِمْ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى بَوَاطِنِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا عُصِمَتْ مِنْ الْأَخَفِّ وَهُوَ النَّوْمُ فَمِنْ هَذَا أَوْلَى، وَعَلَى هَذَا لَا تُنْتَقَضُ بِهِ طَهَارَتُهُمْ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ رَحْمَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (يَغْمُرُهُ) أَيْ مَعَ تَخْدِيرٍ فِي الْأَعْضَاءِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ لَمْ يَتَنَبَّهْ بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ مَعَ اسْتِرْخَاءٍ فِي أَعْصَابِ الدِّمَاغِ، أَوْ مَعَ كَوْنِهِ إذَا نُبِّهَ انْتَبَهَ فَافْتَرَقَا، وَسَكَتَ عَنْ السُّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِ زَوَالِ الْعَقْلِ قَوْلُهُ: (الَّذِي) الْأَوْلَى الَّتِي؛ لِأَنَّهُ نَعْتُ أَوَائِلَ. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ أَوَائِلَ لَمَّا أُضِيفَتْ إلَى السُّكْرِ اكْتَسَبَتْ مِنْهُ التَّذْكِيرَ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ أَيْضًا عَلَيْهِ مُذَكَّرًا.

قَوْلُهُ: (لَمْسُ الرَّجُلِ) أَيْ يَقِينًا اعْتَرَضَهُ ق ل. بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ الْتِقَاءِ بَشَرَتَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ إمَّا مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَشْمَلُ الْآخَرَ وَهُوَ الْمَلْمُوسُ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ اعْتِبَارَ الْقَصْدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ اللَّمْسَ يَنْقُضُ وُضُوءَ اللَّامِسِ أَوْ الْمَلْمُوسِ أَوْ هُمَا بِخِلَافِ الِالْتِقَاءِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُتَلَاقِيَيْنِ يَقْتَضِي نَقْضَهُمَا مَعًا فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَوْ الشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ: وَالْمَلْمُوسُ كَلَامِسٍ لِإِفَادَةِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي النَّقْضِ. وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّمْسِ حُصُولُ أَثَرِهِ وَهُوَ الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِلَا قَصْدٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّمْسَ نَاقِضٌ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً. ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ بِالْبَشَرَةِ دُونَ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفُرِ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ بِدُونِ حَائِلٍ. رَابِعُهَا أَنْ يَبْلُغَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَدًّا يُشْتَهَى فِيهِ فَلَوْ بَلَغَ أَحَدُهُمَا حَدًّا يُشْتَهَى وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْآخَرُ لَا نَقْضَ. خَامِسُهَا: عَدَمُ الْمَحْرَمِيَّةِ، وَمَحَلُّ كَوْنِ اللَّمْسِ نَاقِضًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ: وَاخْتَصَّ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِاللَّمْسِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بَلْ يُصَلِّي بِذَلِكَ الطُّهْرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ تَبَعًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ» . وَبِقَضِيَّتِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: لَا وُضُوءَ مِنْ اللَّمْسِ وَلَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ إلَّا إنْ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 210
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست