responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 184
وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ الْوَارِدِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَخَشَبٍ وَخَزَفٍ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ كَالْحَجَرِ فَخَرَجَ بِالْجَامِدِ الْمَائِعُ غَيْرُ الْمَاءِ الطَّهُورِ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْخَلِّ، وَبِالطَّاهِرِ النَّجَسُ كَالْبَعْرِ وَالْمُتَنَجِّسُ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَبِالْقَالِعِ نَحْوُ الزُّجَاجِ وَالْقَصَبِ الْأَمْلَسِ، وَبِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ الْمُحْتَرَمُ كَمَعْطُومِ آدَمِيٍّ كَالْخُبْزِ أَوْ جِنِّيٍّ كَالْعَظْمِ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ: أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَقَالَ: إنَّهُ زَادُ إخْوَانِكُمْ» أَيْ مِنْ الْجِنِّ، فَمَطْعُومُ الْآدَمِيِّ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي. وَأَمَّا مَطْعُومُ الْبَهَائِمِ كَالْحَشِيشِ، فَيَجُوزُ وَالْمَطْعُومُ لَهَا وَلِلْآدَمِيِّ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَغْلَبُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِ. وَالْأَصَحُّ وَالثُّبُوتُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَإِنَّمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ) أَيْ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (كُلُّ جَامِدٍ) أَيْ خَالٍ عَنْ الرُّطُوبَةِ. وَقَوْلُهُ: (قَالِعٍ) وَلَوْ بِالْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِهِنَّ دُونَهُمْ، فَيُبَاحُ لِلرِّجَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ امْتِهَانٍ، وَكَذَا يَصِحُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مَغْصُوبٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَاءِ وَالْخُفِّ، وَمِثْلُهُ الْمَوْقُوفُ وَجِدَارُ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَبِالطَّاهِرِ النَّجِسِ) ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّبْغُ بِنَجَسٍ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الزَّكَاةِ الْجَائِزَةِ بِمُدْيَةٍ نَجِسَةٍ بِخِلَافِ الْحَجَرِ. اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُتَنَجِّسُ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ خَرَجَ بِالْجَامِدِ، وَبِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ بِالْقَلِيلِ، إذْ الْكَثِيرُ الْمُتَنَجِّسُ مِثْلُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا م د وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَغَرَضُهُ الْقِيَاسُ لَا التَّمْثِيلُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْمُحَشِّي. قَوْلُهُ: (وَبِالْقَالِعِ نَحْوَ الزُّجَاجِ) مِمَّا لَا يُقْلَعُ لِمَلَاسَتِهِ كَالْقَصَبِ الْأَمْلَسِ، أَوْ رَخَاوَتِهِ كَالْفَحْمِ الرَّخْوِ، أَوْ تَنَاثُرِ أَجْزَائِهِ كَالتُّرَابِ الْمُتَنَاثِرِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَصَبِ الْأَمْلَسِ) مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ النُّعُومَةُ أَيْ الْبُوصُ النَّاعِمُ، وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ ذِي أَنَابِيبَ أَيْ عُقَدٍ فَيَشْمَلُ الْبُوصَ وَالذُّرَةَ وَالْخَيْزُرَانَ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ، وَمَحَلُّ عَدَمِ إجْزَائِهِ فِي غَيْرِ جُذُورِهِ، وَفِيمَا لَمْ يَشُقَّ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَبِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ الْمُحْتَرَمُ) أَيْ فَيَحْرُمُ وَلَا يُجْزِئُ وَمِنْهُ جُزْءُ مَسْجِدٍ.
قَوْلُهُ: (كَالْخُبْزِ) إلَّا إذَا حُرِقَ فَيَجُوزُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَطْعُومِ بِحَرْقِهِ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَظْمِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ حُرِقَ وَدَخَلَ فِي الْعَظْمِ السِّنُّ وَالظُّفُرُ وَالْقَرْنُ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّعْلِيلُ بِاكْتِسَاءِ اللَّحْمِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ لِيَشْمَلَ السِّنَّ وَغَيْرَهُ. قَالَ سم: وَيَجُوزُ حَرْقُ الْعَظْمِ بِخِلَافِ حَرْقِ الْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ ضَيَاعُ مَالٍ، وَيَجُوزُ إلْقَاءُ الْخُبْزَ أَوْ الْعَظْمَ لِلْكِلَابِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَنَجُّسُهُ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ لَمْ يَقْصِدْ تَنْجِيسَهُ، وَلَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، بَلْ لَوْ قَصَدَهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ التَّنْجِيسِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ، وَهَذَا لِحَاجَةٍ أَيِّ حَاجَةٍ وَهِيَ إزَالَةُ ضَرُورَةِ الْكِلَابِ، وَإِبْقَاءُ أَرْوَاحِهَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ إلْقَاءُ نَحْوَ قُشُورِ الْبِطِّيخِ لِلدَّوَابِّ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِهَا، وَالْعَظْمُ لِلْهِرَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي يُرْمَى عَلَيْهَا نَجِسَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرُ مُذَكَّى، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْمُذَكَّى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: إخْوَانُكُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا كُلِّفْنَا بِهِ تَفْصِيلًا إلَّا مَا وَرَدَ النَّصُّ بِاسْتِثْنَائِهِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (زَادُ إخْوَانِكُمْ) وَهَلْ نَفْسُ الْعَظْمِ وَهُوَ الْمَطْعُومُ لَهُمْ أَوْ يَعُودُ لَهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيَأْكُلُونَهُ مَعَهُ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ الْجِنِّ) أَيْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّادَ، فَقَالَ: «كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ أَوْفَرُ مَا كَانَ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ» زَادَ ابْنُ سَلَّامٍ: «إنَّ الْبَعْرَ يَعُودُ خَضْرَاءَ أَوْ تِبْنًا لِدَوَابِّكُمْ» . وَكُفَّارُهُمْ يَأْكُلُونَ عَظْمَ الْمَيِّتَةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْجِنَّ يَأْكُلُونَ، وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ يَتَغَذَّوْنَ بِالشَّمِّ. وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبَّهٍ: أَنَّ خَوَاصَّ الْجِنِّ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يُشْرِبُونَ وَلَا يَتَنَاكَحُونَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ) فِي كَوْنِهِ مِنْ الرُّخَصِ نَظَرٌ، إذْ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَغَيُّرُ الْحُكْمِ إلَى سُهُولَةِ لِأَجْلِ عُذْرٍ وَهُنَا لَا عُذْرَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، إذْ يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَلَا سُهُولَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ مِنْ وُجُوبٍ إلَى وُجُوبٍ، وَمَيْلُ النَّفْسِ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالرُّخْصَةِ مُطْلَقَ السُّهُولَةِ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهَا لُغَةً.
قَوْلُهُ: (كَالْحَشِيشِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: الْحَشِيشُ مَا يَبِسَ مِنْ الْكَلَأِ، وَلَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ حَشِيشٌ بَلْ كَلَأٌ.
قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست