responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 17
بَعْضُ الْأَعِزَّةِ عَلَيَّ الْمُتَرَدِّدِينَ إلَيَّ، أَنْ أَضَعَ عَلَيْهِ شَرْحًا، يُوَضِّحُ مَا أَشْكَلَ مِنْهُ، وَيَفْتَحُ مَا أُغْلِقَ مِنْهُ، ضَامًّا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَجَادَاتِ، وَالْقَوَاعِدِ الْمُحَرَّرَاتِ، الَّتِي وَضَعْتهَا فِي شُرُوحِي عَلَى التَّنْبِيهِ وَالْمِنْهَاجِ وَالْبَهْجَةِ، فَاسْتَخَرْت اللَّهَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلتَّصْنِيفِ أَيْ لِمَسَائِلِ التَّصْنِيفِ فِي الْفِقْهِ مُؤَلَّفٍ عَلَى مِقْدَارِ حَجْمِ ذَلِكَ الْمُخْتَصَرِ اهـ. فَالضَّمِيرُ فِي حَجْمِهِ لِلْمُخْتَصَرِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ، وَالْأَلْفَاظُ لَا حَجْمَ لَهَا وَإِنَّمَا الْحَجْمُ لِلْأَوْرَاقِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا النُّقُوشُ الدَّالَّةُ عَلَى الْأَلْفَاظِ، فَإِطْلَاقُ الْحَجْمِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ إذْ الْأَلْفَاظُ شَأْنُهَا أَنْ تُنْقَشَ فِي الْأَوْرَاقِ، وَالْمَعْنَى عَلَى قَدْرِ الْجِرْمِ الَّذِي فِيهِ نُقُوشُهُ أُلِّفَ.
قَوْلُهُ: (الْتَمَسَ مِنِّي) جَوَابُ لَمَّا، وَيُقَالُ فِيهَا حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ، وَقِيلَ ظَرْفٌ وَهُوَ الْعَامِلُ فِيهَا إنْ كَانَتْ ظَرْفًا بِمَعْنَى حِينَ أَوْ إذْ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْمَاضِي وَبِالْإِضَافَةِ إلَى الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْمُغْنِي، وَعَبَّرَ بِالِالْتِمَاسِ إشَارَةً إلَى أَنَّ السَّائِلَ مُسَاوٍ لَهُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْمُتَرَدِّدِينَ إلَيَّ، إذْ الشَّخْصُ يَتَرَدَّدُ إلَى مِثْلِهِ وَمَنْ دُونَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ دُونَهُ وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا اج. وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ الْأَعْلَى، وَالِالْتِمَاسَ مِنْ الْمُسَاوِي، وَالدُّعَاءَ مِنْ الْأَدْنَى وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْ فِي مُسَمَّى الْأَمْرِ عُلُوٌّ وَلَا اسْتِعْلَاءٌ، وَقِيلَ يُعْتَبَرَانِ اهـ. وَالْأَعِزَّةُ جَمْعُ عَزِيزٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى عَزَائِزَ وَعَلَى أَعِزَّاءٍ وَيُطْلَقُ الْعَزِيزُ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا أَنَّهُ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا كَمَا قِيلَ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْكَرِيمِ خُصُوصًا مَعَ تَعَلُّقِ مَا بَعْدَهُ بِهِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِيهِ.
قَوْلُهُ: (الْمُتَرَدِّدِينَ) أَيْ الرَّاجِعِينَ إلَيَّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَمَفْعُولُ الْتَمَسَ قَوْلُهُ: إنْ أَضَعَ عَلَيْهِ شَرْحًا أَيْ الْتَمَسَ مِنِّي وَضْعَ شَرْحٍ عَلَى ذَلِكَ الْمُخْتَصَرِ أَيْ: تَأْلِيفَ شَرْحٍ فَشَبَّهَ الشَّرْحَ وَالْمَتْنَ بِرَاكِبٍ وَمَرْكُوبٍ بِجَامِعِ شِدَّةِ التَّمَكُّنِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْوَضْعِ تَخْيِيلٌ، أَوْ شَبَّهَ مَزْجَ الشَّرْحِ بِالْمَتْنِ بِوَضْعِ جِسْمٍ عَلَى جِسْمٍ وَأَطْلَقَ الْوَضْعَ عَلَيْهِ ثُمَّ اشْتَقَّ مِنْهُ أَضَعُ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ. وَالشَّرْحُ لُغَةً الْكَشْفُ وَالْإِظْهَارُ وَاصْطِلَاحًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ، وَقَالَ الَأُجْهُورِيُّ: لَمَّا كَانَ الشَّرْحُ مُبَيِّنًا وَمُوَضِّحًا لَهُ ارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَعْلَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (يُوَضِّحُ) أَيْ يَكْشِفُ مَا أَشْكَلَ أَيْ مَا خَفِيَ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَفْتَحُ مَا أَغْلَقَ مِنْهُ) أَيْ مَا صَعُبَ فَهْمُهُ، وَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ فِي يَفْتَحُ وَأَغْلَقَ تَرْشِيحٌ أَوْ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ فِي مَا فَإِنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَسَائِلِ الصَّعْبَةِ، وَأَغْلَقَ تَخْيِيلٌ وَيَفْتَحُ تَرْشِيحٌ أَوْ عَكْسُهُ، وَعَطْفُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ أَوْ مُرَادِفٌ، وَالْخُطَبُ مَحَلُّ إطْنَابٍ.
قَوْلُهُ: (ضَامًّا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ أَضَعَ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْئُولِ لَا أَنَّ الْمَسْئُولَ مُجَرَّدُ حَلِّ الْأَلْفَاظِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:
وَأَسْتَعِينُ اللَّهَ فِي أَلْفِيَّهْ ... مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ إلَى ذَلِكَ عَائِدَةٌ عَلَى الْإِيضَاحِ وَالْفَتْحِ، لِأَنَّ الْكُلَّ مِنْ مُسَمَّى الشَّرْحِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّمِّ وَضْعُ الْمَسَائِلِ فِي أَمَاكِنِهَا. " وَمِنْ " فِي قَوْلِهِ: مِنْ الْفَوَائِدِ لِلتَّبْعِيضِ فَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ بِهِ بِمَعْنَى بَعْضٍ أَيْ بَعْضِ الْفَوَائِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: 22] فَإِنَّهُ جَعَلَ " مِنْ " فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ بِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ: فَهِيَ اسْمٌ بِمَعْنَى بَعْضٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِ مَفْعُولِ ضَامًّا مَحْذُوفًا، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى قِلَّةٍ، وَأَلْ فِي الْفَوَائِدِ وَالْقَوَاعِدِ لِلْجِنْسِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جَمِيعَهَا. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَجَادَاتِ) أَيْ الْبَالِغَةِ فِي الْجَوْدَةِ أَيْ الْحُسْنِ، فَالْمُرَادُ الْفَوَائِدُ الْمُسْتَحْسَنَةُ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالدَّالُ مُخَفَّفَةٌ لَا مُشَدَّدَةٌ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَوَاعِدِ) جَمْعُ قَاعِدَةٍ وَهِيَ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ يَتَعَرَّفُ مِنْهَا أَحْكَامَ جُزْئِيَّاتِ مَوْضُوعِهَا وَعَطْفُ الْقَوَاعِدِ عَلَى الْفَوَائِدِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. قَوْلُهُ: (فِي شُرُوحِي عَلَى التَّنْبِيهِ) وَهُوَ عَلَى التَّوْزِيعِ، إذْ لَيْسَ لَهُ عَلَى التَّنْبِيهِ إلَّا شَرْحٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَالتَّنْبِيهُ لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَالْمِنْهَاجُ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ وَالْبَهْجَةُ لِابْنِ الْوَرْدِيِّ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَخَرْت اللَّهَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْتَمَسَ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُجِبْهُ بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ بَلْ عَدَلَ إلَى الِاسْتِخَارَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ مُدَّتَهَا بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فِي مَقَامِ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست