responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 132
لِشَيْءٍ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ. وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ. وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْعَادَاتِ كَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ لِلِاعْتِكَافِ تَارَةً وَلِلِاسْتِرَاحَةِ أُخْرَى، أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا كَالصَّلَاةِ تَكُونُ لِلْفَرْضِ تَارَةً وَلِلنَّفْلِ أُخْرَى.

وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي وَتَمْيِيزُهُ، وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ، وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَأَنْ لَا تَكُونَ مُعَلَّقَةً، فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ صَحَّتْ.

وَوَقْتُهَا أَوَّلُ الْفُرُوضِ كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ وَتَطْبِيقِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ.

وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ، فَيَكْفِي هُنَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ كَمَا مَرَّ، أَوْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ شَيْءٍ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ كَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُنْسَبُ لِلْبَهَائِمِ وَالْجَمَادَاتِ كَمَا يُنْسَبُ إلَى ذَوِي الْعُقُولِ، بِخِلَافِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَصْدُ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: قُلْت لَفْظُ الْعَمَلِ لَفْظُ الْعِلْمِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَاهُ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ الْعَمَلُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي قَوْلِهِمْ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ الْعَوَامِلُ. وَأَمَّا الصُّنْعُ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ إلَّا لِمَا كَانَ مِنْ الْإِنْسَانِ بِقَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ بَعْدَ ذِكْرٍ وَتَحَرٍّ.
قَوْلُهُ: (بِالنِّيَّاتِ) جَمْعُ نِيَّةٍ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ نَوَى بِمَعْنَى قَصَدَ، وَالْأَصْلُ نَوِيَّةٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ وَتَخْفِيفُهَا لُغَةً مِنْ وَنَى يَنِي إذَا أَبْطَأَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَصْحِيحِهَا إلَى نَوْعِ إبْطَاءٍ، وَأَلْ بَدَلٌ عَنْ الضَّمِيرِ أَيْ بُنْيَانُهَا فَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْعَمَلِ مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِفِعْلِهِ) أَيْ الشَّيْءِ فَإِنْ تَرَاخَى أَيْ الْفِعْلُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْقَصْدِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ أَيْ بِأَوَّلِ فِعْلِهِ، أَوْ الْمُرَادُ بِجَمِيعِ أَفْعَالِهِ لَكِنَّ اقْتِرَانَهَا بِالْأَوَّلِ حَقِيقَةً وَبِمَا سِوَاهُ حُكْمًا. وَفِي قَوْلِهِ بِفِعْلِهِ إضَافَةُ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ عَائِدَةٌ لِلشَّيْءِ وَهُوَ فِعْلٌ أَيْضًا. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَافَ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَالْفِعْلُ الْمُضَافُ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ، وَاعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي تَعْرِيفِ النِّيَّةِ مُشْكِلٌ لِتَحَقُّقِهَا بِدُونِهِ فِي الصَّوْمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا رَسْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ لَازِمٌ غَالِبِيٌّ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حَقِيقَتُهَا لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، أَوْ يَلْتَزِمُ أَنَّ السَّابِقَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ بَلْ هُوَ عَزْمٌ اكْتَفَى بِهِ لِلضَّرُورَةِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ ع ش عَلَى م ر مَعَ زِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) نَعَمْ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ. فَائِدَةٌ: فِي الزَّرْقَانِيُّ عَلَى الْمَوَاهِبِ مَا نَصُّهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ يَسْمَعُ بِهِمَا كَمَا أَنَّ فِي الرَّأْسِ أُذُنَيْنِ وَلِلْقَلْبِ عَيْنَيْنِ، كَمَا أَنَّ لِلْبَدَنِ عَيْنَيْنِ قَالَهُ الرَّاغِبُ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْبُوصِيرِيُّ نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي شَرْحِهِ عَلَى بُرْدَتِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ:
فَمَا لِعَيْنَيْك إنْ قُلْت اكْفُفَا هَمَّتَا
إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَيُقَالُ إنَّ الْعَيْنَيْنِ لَا يَبْكِيَانِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكٌ مِنْ اللَّهِ فَيَمْسَحَ الْقَلْبَ بِجَنَاحِهِ فَتَبْكِي عَيْنَا قَلْبِهِ فَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي عَيْنَيْ رَأْسِهِ.
قَوْلُهُ: (رَتَّبَهَا) أَيْ الْعِبَادَاتِ. قَوْلُهُ: (تَكُونُ لِلْفَرْضِ تَارَةً إلَخْ) لَوْ قَالَ تَكُونُ تَارَةً فَرْضًا وَتَارَةً نَفْلًا لَكَانَ أَحْسَنَ. اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (إسْلَامُ النَّاوِي) أَيْ إنْ كَانَتْ لِلتَّقَرُّبِ فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمْيِيزِ صَحَّتْ مِنْ الْكَافِرِ كَنِيَّةِ الذِّمِّيَّةِ الْغُسْلَ مِنْ الْحَيْضِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَتَمْيِيزُهُ) إنْ كَانَ هُوَ النَّاوِي فَلَا يَرِدُ وُضُوءُ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْحَجِّ لِيَطُوفَ بِهِ، وَلَا الزَّوْجِ فِي غُسْلِ الْمَجْنُونَةِ مِنْ الْحَيْضِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَطْلَقَ) بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ أَوْ التَّعْلِيقَ فَلَا. أَيْ فَاحْتَاطُوا فِي الْبَابَيْنِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِبَادَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوَّلُ الْفُرُوضِ) لَوْ قَالَ أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ) بَلْ لَمْ يُجَوِّزُوهَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (لِعُسْرِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَ وَرَاعَى طُلُوعَ الْفَجْرِ وَقَارَنَهُ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيمِ. وَعِبَارَةُ سم، فَإِنْ قُلْت: هَلَّا جَوَّزُوا الْمُقَارَنَةَ؟ . قُلْت: لَمْ يُجَوِّزُوهَا؛ لِأَنَّهَا تُصَيِّرُهَا مَظِنَّةً لِلْخَطَأِ بِالتَّأْخِيرِ فَأَوْجَبُوا التَّقْدِيمَ لِلِاحْتِيَاطِ اهـ. .

قَوْلُهُ: (تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ) وَبَيَانُهُ أَنَّ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست