responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 102
لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ وَالشَّعْرُ عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَانِ نَجِسٌ إذَا كَانَ الْعُضْوُ نَجِسًا تَبَعًا لَهُ وَالشَّعْرُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ (الْآدَمِيِّ) سَوَاءٌ انْفَصَلَ مِنْهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ طَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجِسِ لَا نَجَاسَةَ الْأَبْدَانِ وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ. السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَعْيَانَ جَمَادٌ وَحَيَوَانٌ: فَالْجَمَادُ كُلُّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ خُلِقَ لِمَنَافِع الْعِبَادِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ أَوْ لَا. أَوْ كَوْنُهُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرُهُ طَاهِرٌ. اهـ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ) مَا لَمْ تَكُنْ فِي ظَرْفٍ وَعِبَارَةُ م ر. وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَطَاهِرَةٌ أَوْ مَرْمِيَّةً مَكْشُوفَةً فَنَجِسَةٌ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ اللَّحْمِ الطَّاهِرِ، أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ فَطَاهِرَةٌ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرُ عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَانِ نَجِسٌ) وَمِنْهُ تَطْرِيفُ أَلْيَةِ الْخَرُوفِ ق ل. أَيْ قَطْعُ طَرَفِ الْأَلْيَةِ وَأَتَى بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا شَعْرَ الْمَأْكُولِ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُطْلَقًا، وَالْعُضْوُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ. قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرُ الْمُنْفَصِلُ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ وَهِيَ إلَّا شَعْرَ الْآدَمِيِّ، وَفِي أُخْرَى إلَّا الْآدَمِيَّ وَهِيَ الصَّوَابُ لِاقْتِضَاءِ تِلْكَ أَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ بِخِلَافِ شَعْرِهِ لِشُمُولِ قَوْلِهِ: وَعَظْمُ الْمَيْتَةِ وَشَعْرُهَا نَجِسٌ لِعِظَمِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ. قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَأْكُلُونَ بِالْأَيْدِي وَغَيْرُهُمْ يَأْكُلُ بِفِيهِ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَرِدُ الْقِرَدَةُ لِوَطْءِ النَّجَاسَةِ بِمَا تَأْكُلُ بِهِ، وَقِيلَ بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ بِالنُّطْقِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْفَهْمِ، وَقِيلَ بِاعْتِدَالِ الْقَامَةِ، وَقِيلَ بِحُسْنِ الصُّورَةِ، وَقِيلَ الرِّجَالُ بِاللِّحَى وَالنِّسَاءُ بِالذَّوَائِبِ، وَقِيلَ بِتَسْلِيطِهِمْ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ وَتَسْخِيرِهِ لَهُمْ، وَقِيلَ بِحُسْنِ تَدْبِيرِهِمْ أَمْرَ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ بِهِ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ) فِيهِ أَنَّ الِاعْتِقَادَ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ لَا يَتَّصِفُ بِنَجَاسَةٍ وَلَا طَهَارَةٍ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَجَاسَةِ الِاعْتِقَادِ فَسَادُهُ فَوَصَفَهُ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ اهـ. فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ إنَّمَا اعْتِقَادُ الْمُشْرِكِينَ فَاسِدٌ، فَيَكُونُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ وَاسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ حَيْثُ شَبَّهَ الْفَاسِدَ بِالنَّجِسِ بَعْدَ تَشْبِيهِ الْفَسَادِ بِالنَّجَاسَةِ بِجَامِعِ وُجُوبِ اجْتِنَابِ كُلٍّ وَاسْتَعَارَ النَّجِسَ لِلْفَاسِدِ. وَقَوْلُهُ: (أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجِسِ) فَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ أَيْ هُمْ فِي وُجُوبِ الِاجْتِنَابِ كَالنَّجِسِ، فَعَلَى الْأُولَى يَكُونُ الْمَوْصُوفُ بِالنَّاسِ اعْتِقَادَهُمْ، وَعَلَى الثَّانِي ذَوَاتَهمْ. وَقَالَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ: أَيْ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ لَكَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ. لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ نُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ عُهِدَ غَسْلُ الطَّاهِرِ بِدَلِيلِ الْمُحْدِثِ وَلَا كَذَلِكَ نَجِسُ الْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (لَا نَجَاسَةَ الْأَبْدَانِ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ الْأَحْيَاءِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوْتَى ع ش. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْآيَةَ إذَا دَلَّ ظَاهِرُهَا عَلَى نَجَاسَةِ الْأَحْيَاءِ، فَتَكُونُ نَجَاسَةَ الْأَمْوَاتِ بِالْأَوْلَى. وَنَقَلَ الْبَيْضَاوِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] أَنَّ الْمُرَادَ نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ حَقِيقَةً، فَالْكَافِرُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ نَجِسٌ حَقِيقَةً وَلَوْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ. وَفِي الْمِيزَانِ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَرْجَحِ قَوْلَيْهِ بِطَهَارَةِ الْآدَمِيِّ إذَا مَاتَ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَرْجُوحُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَجِسٌ لَكِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ شَرَفُ ذَاتِ الْآدَمِيِّ رُوحًا وَجِسْمًا. وَوَجْهُ الثَّانِي شَرَفُ رُوحِهِ فَقَطْ فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الْجَسَدِ تَنَجَّسَ لِأَنَّهُ مَا كَانَ طَاهِرًا إلَّا بِسَرَيَانِ الرُّوحِ فِيهِ وَهِيَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَأَمْرُ اللَّهِ طَاهِرٌ مُقَدَّسٌ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا مَا جَاوَرَهُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ بِنَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ مَعَ حَدِيثِ: «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» ؟ فَالْجَوَابُ: يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَوْ بَلَغَهُ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ وَإِنْ سُحِقَا وَصَارَا كَالدَّمِ ع ش.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ اعْلَمْ إلَخْ) هُوَ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست