responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 3
قَاضِي الْقُضَاةِ

شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ

مَلِكُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ سِيبَوَيْهِ زَمَانِهِ فَرِيدُ عَصْرِهِ وَوَحِيدُ دَهْرِهِ

حُجَّةُ النَّاظِرِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَيِّدُنَا كَمَا فِي قَوْلِ الْخَنْسَاءِ فِي أَخِيهَا صَخْرٍ:
وَإِنَّ صَخْرًا لِمَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا
وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْلَى يُطْلَقُ عَلَى السَّيِّدِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ أُخِّرَ عَنْ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ، وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا سَبَقَ لَنَا تَقْرِيرُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ طَرِيقُ التَّرَقِّي فِيمَا إذَا كَانَ الْأَبْلَغُ أَخَصَّ مِمَّا دُونَهُ وَمُشْتَمِلًا عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: عَالِمٌ نِحْرِيرٌ غُنَيْمِيٌّ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ. اهـ. ع ش.
وَأَجَابَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَبْدُ رَبِّهِ بِأَنَّهُ اخْتَارَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالرِّفْعَةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّيِّدِ هُنَا هُوَ الَّذِي يُفْزَعُ إلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَوْلَى النَّاصِرُ وَالنُّصْرَةُ تَكُونُ بَعْدَ الْفَزَعِ لِأَنَّ الشَّيْخَ يُفْزَعُ لَهُ فِي تَحْقِيقِ الْعُلُومِ وَيَنْصُرُنَا بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُجَادِلُنَا، وَيُطْلَقُ السَّيِّدُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَنْ سَادَ فِي قَوْمِهِ أَيْ: شَرُفَ عَلَيْهِمْ مِنْ السُّودَدِ وَهُوَ الشَّرَفُ وَعَلَى مَنْ تَفْزَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فِي الشَّدَائِدِ وَعَلَى مَنْ كَثُرَ سَوَادُهُ أَيْ: جَيْشُهُ وَعَلَى الْحَلِيمِ الَّذِي لَا يَسْتَفِزُّهُ الْغَضَبُ وَعَلَى الْمَالِكِ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَوْصَافُ مُجْتَمَعَةً فِي الشَّيْخِ اهـ شَيْخُنَا حِفْنِيٌّ.

(قَوْلُهُ: قَاضِي الْقُضَاةِ) أَيْ: لِأَنَّهُ كَانَ قَاضِيًا بِمِصْرَ وَجَمِيعَ قُضَاتِهَا تَحْتَ أَمْرِهِ قِيلَ: إنَّهُ تَوَلَّى الْقَضَاءَ عَشْرَ سِنِينَ وَعَمِيَ عَشْرَ سِنِينَ لِيَكُونَ عَمَى كُلَّ سَنَةٍ كَفَّارَةً لِمِثْلِهَا مِنْ مُدَّةِ الْقَضَاءِ وَكَوْنُ عَمَاهُ كَفَّارَةً لَا يُنَاسِبُ مَقَامَهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَادِلًا فِي حُكْمِهِ؛ فَالْحَقُّ أَنَّ عَمَاهُ بِسَبَبِ بُكَائِهِ عَلَى وَلَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ: إنَّهُ تَوَلَّى الْقَضَاءَ عِشْرِينَ سَنَةً وَعَمِيَ كَذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ: قَاضِي قُضَاةِ الْأَنَامِ وَهِيَ مُنَاسِبَةٌ لِمَا بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ: شَيْخُ) إمَّا مَصْدَرُ شَاخَ أَوْ وَصْفٌ لَهُ سَمَاعِيٌّ وَالْقِيَاسُ شَائِخٌ كَضَرَبَ فَهُوَ ضَارِبٌ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
كَفَاعِلٍ صُغْ اسْمَ فَاعِلٍ إذَا ... مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ يَكُونُ كَغَذَا
وَذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ فِي جَمْعِهِ أَحَدَ عَشَرَ جَمْعًا خَمْسَةٌ مَبْدُوءَةٌ بِالشِّينِ شُيُوخٌ بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَشِيَخَةٌ بِكَسْرِ الشِّينِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِهَا وَشِيخَانٌ كَغِلْمَانٍ وَخَمْسَةٌ مَبْدُوءَةٌ بِالْمِيمِ مَشَايِخُ وَمَشْيَخَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ فِيهِمَا وَمَشْيُوخَاءُ مَعَ وَاوٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا، وَوَاحِدَةٌ مَبْدُوءَةٌ بِالْهَمْزَةِ وَهِيَ أَشْيَاخٌ وَالْجَمْعُ الَّذِي هُوَ مَشَايِخُ بِالْيَاءِ، وَلَا يَجُوزُ هَمْزَةُ لِأَنَّ الْيَاءَ أَصْلِيَّةٌ فِي الْمُفْرَدِ، وَهِيَ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ لَا تُقْلَبُ هَمْزَةً فِي الْجَمْعِ كَمَعَايِشَ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ:
وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ ... هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ
وَتَصْغِيرُهُ شُيَيْخٌ بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَقِيلَ: شُوَيْخٌ بِقِلَّةٍ قِيلَ: لَقَّبَهُ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْخَضِرُ حِينَ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ حَافِيًا إلَى الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَدَخَلَ وَرَآهُ فِيهِ، وَقِيلَ الْمُلَقِّبُ لَهُ بِذَلِكَ الْقُطْبُ لَمَّا أَرَادَ الْمُجَاوِرُونَ ضَرْبَهُ أَيْ: الْقُطْبَ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ لِصٌّ، وَكَانَ مَعَهُمْ الشَّيْخُ فَالْتَفَتَ إلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: وَأَنْتَ مِثْلُهُمْ يَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ مَلِكُ الْعُلَمَاءِ) أَيْ: الْمُتَصَرِّفُ فِيهِمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَالْمَلِكِ فَالْكَلَامُ عَلَى التَّشْبِيهِ أَوْ الِاسْتِعَارَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ أَسَدٌ ع ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر الْمَلِكُ مِنْ الْمُلْكِ بِالضَّمِّ، وَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْمَالِكُ مِنْ الْمِلْكِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِالْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ اهـ.
وَالْعُلَمَاءُ: جَمْعُ عَلِيمٍ كَكُرَمَاءُ جَمْعُ كَرِيمٍ (قَوْلُهُ: الْأَعْلَامِ) أَيْ: كَالْأَعْلَامِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا أَوْ كَالْأَعْلَامِ جَمْعُ عَلَمٍ بِمَعْنَى الْجَبَلِ، وَالْمُرَادُ الَّذِينَ هُمْ كَالْجِبَالِ فِي الثَّبَاتِ وَعَدَمِ التَّزَلْزُلِ وَفِي الْمُخْتَارِ الْعَلَمُ: بِفَتْحَتَيْنِ الْعَلَامَةُ وَهُوَ أَيْضًا الْجَبَلُ وَعَلَمُ الثَّوْبِ وَالرَّايَةُ ع ش (قَوْلُهُ: سِيبَوَيْهِ زَمَانِهِ) أَيْ: كَسِيبَوَيْهِ فِي زَمَانِهِ فِي الِاشْتِهَارِ بِالْفَضْلِ فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي وَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أَوْ اسْتِعَارَةٌ لِأَنَّ الْعَلَمَ إذَا اشْتَهَرَ بِوَصْفٍ تَجْرِي فِيهِ الِاسْتِعَارَةُ كَحَاتِمٍ وَسَحْبَانَ، فَإِنْ قِيلَ سِيبَوَيْهِ اشْتَهَرَ بِالنَّحْوِ وَهَذَا بِالْفِقْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: رَافِعِيُّ زَمَانِهِ. أُجِيبَ بِأَنَّ اشْتِهَارَهُ بِالْفِقْهِ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِ اشْتِهَارِهِ بِالنَّحْوِ فَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: سِيبَوَيْهِ زَمَانِهِ (قَوْلُهُ: فَرِيدُ عَصْرِهِ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ فِي عَصْرِهِ أَيْ: لَمْ يُشَارِكْهُ أَحَدٌ فِي مَرْتَبَتِهِ وَالْعَصْرُ وَالْأَوَانُ مُتَرَادِفَانِ وَقِيلَ: الْعَصْرُ مِنْ حِينِ الِاشْتِهَارِ وَالْأَوَانُ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ وَكَذَا الدَّهْرُ.
وَالْعَصْرُ مُثَلَّثُ الْعَيْنِ مَعَ سُكُونِ الصَّادِ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَالصَّادِ فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ

(قَوْلُهُ: حُجَّةُ الْمُنَاظِرِينَ) يَعْنِي أَنَّ كَلَامَهُ حُجَّةٌ لِلْمُنَاظِرِينَ

اسم الکتاب : حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد المؤلف : البجيرمي    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست