responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المؤلف : الجمل    الجزء : 1  صفحة : 213
{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ كَمَا عَبَّرْتُ بِهِ (وَلَوْ بِرَمْلٍ لَا يَلْصَقُ) بِالْعُضْوِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَحْمَرَ وَالْأَسْوَدَ وَالْأَبْيَضَ وَغَيْرَ ذَلِكَ كَالتَّعْمِيمِ فِي إرَادَةِ أَنْوَاعِ الْمَاءِ مِنْ مِلْحٍ وَعَذْبٍ وَكَدِرٍ وَصَافٍ وَسَائِرِ الْأَنْوَاعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ صَعِيدًا طَيِّبًا) اسْمُ الطَّيِّبِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الطَّاهِرُ كَمَا هُنَا الْحَلَالُ، وَمِنْهُ {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] وَمَا لَا أَذًى فِيهِ كَقَوْلِهِمْ هَذَا يَوْمٌ طَيِّبٌ وَلَيْلَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ نَحْوُ هَذَا طَعَامٌ طَيِّبٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا إلَخْ) ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْ تَفْسِيرُهُ الصَّعِيدَ بِالتُّرَابِ قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ؛ لِأَنَّ مِنْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلتَّبْعِيضِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلِابْتِدَاءِ ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ لَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ، وَمِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ إلَّا مَعْنَى التَّبْعِيضِ وَالْإِذْعَانُ لِلْحَقِّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ اهـ ح ل وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِكُلِّ مَا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ كَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالزِّرْنِيخِ وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا لَا غُبَارَ فِيهِ كَالْحَجَرِ الصُّلْبِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ الصَّحَابِيُّ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ وُلِدَ بِالشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَحَنَّكَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِيقِهِ حِينَ وُلِدَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَبَادِلَةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ الْمُكْثِرِينَ الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى عَنْهُ الْخَلَائِقُ الْكَثِيرَةُ وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ الْمُتَوَفَّى بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ الْيَوْمَ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ مِنْ وَجِّ الطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ الْغُرْنُوقُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ سُمِعَ مَنْ يُسْمَعُ صَوْتُهُ وَلَا يُرَى شَخْصُهُ يَقْرَأُ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27] إلَخْ السُّورَةِ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ) قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا جُعِلَ التُّرَابُ طَهُورًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا أَحَسَّتْ بِمَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْبَسَطَتْ وَتَمَدَّدَتْ وَتَطَاوَلَتْ وَأَزْهَرَتْ وَأَيْنَعَتْ وَافْتَخَرَتْ عَنْ السَّمَاءِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ بِأَنَّهُ مِنِّي خُلِقَ وَعَلَى ظَهْرِي تَأْتِيهِ كَرَامَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى بِقَاعِي يَسْجُدُ بِجَبْهَتِهِ وَفِي بَطْنِي مَدْفِنُهُ فَلَمَّا زَادَ فَخْرُهَا جَعَلَ اللَّهُ تُرَابَهَا طَهُورًا لِأُمَّتِهِ فَالتَّيَمُّمُ هَدِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً لِتَدُومَ لَهُمْ الطَّهَارَةُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِرَمْلٍ لَا يَلْصَقُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَلَوْ رَمْلًا لِيَكُونَ غَايَةً لِلتُّرَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ غَايَةٌ لِلتُّرَابِ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْآتِي أَيْ. وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ رَمْلًا، وَلَوْ قَالَ، وَلَوْ رَمْلًا لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ التُّرَابَ وَقَوْلُهُ جِنْسٌ لَهُ أَيْ فَهُوَ أَيْ الرَّمَلُ مِنْ أَنْوَاعِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش. قَوْلُهُ، وَلَوْ بِرَمْلٍ إلَخْ أَخَذَهُ غَايَةً لِيُبَيِّنَ أَنَّ فِيهِ قَيْدًا مَخْصُوصًا وَهُوَ عَدَمُ لُصُوقِهِ بِالْعُضْوِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا وُضِعَ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التُّرَابِ انْتَهَتْ.
(تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ لَوْ سُحِقَ الرَّمَلُ الصِّرْفُ وَصَارَ لَهُ غُبَارٌ أَجْزَأَ أَيْ بِأَنْ صَارَ كُلُّهُ بِالسَّحْقِ غُبَارًا أَوْ أُبْقِيَ مِنْهُ خَشِنٌ لَا يَمْنَعُ لُصُوقَ الْغُبَارِ بِالْعُضْوِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ ذَلِكَ مَا يَأْتِي قَالَ بِخِلَافِ الْحَجَرِ الْمَسْحُوقِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ الرَّمَلُ ضَرْبَانِ مَا لَهُ غُبَارٌ فَيَجُوزُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ فَلَا لِعَدَمِ الْغُبَارِ لَا لِخُرُوجِهِ عَنْ جِنْسِ التُّرَابِ اهـ، إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تُرَابٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غُبَارٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَا يَلْصَقُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْمُضَارِعِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي مِنْ بَابِ تَعِبَ يَتْعَبُ وَيُقَالُ بِالسِّينِ وَالزَّاي اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ لَصِقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَصْقًا وَلُصُوقًا مِثْلَ لَزِقَ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ) قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ فِي لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ إنَّمَا اُخْتُصَّتْ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ مِنْهُمَا آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَامْتَازَا عَلَى غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ اسْمَ التُّرَابِ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ وَهِيَ سِتُّونَ نَوْعًا وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ مِنْ السِّتِّينَ فَجَاءَتْ أَوْلَادُهُ عَلَى أَلْوَانٍ وَصُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَهَذَا حِكْمَةُ إطْعَامِ السِّتِّينَ فِي الْكَفَّارَةِ كَمَا سَيَأْتِي لِيُسْتَوْفَى بِهِ جَمِيعُ الْأَنْوَاعِ، قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ الْأَرْضِ الْأُولَى وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَهَبَ

اسم الکتاب : حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المؤلف : الجمل    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست