اسم الکتاب : الإفهام في شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 736
إلى اللَّه وإلى رسوله»، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك»، هذا فيه أن للإنسان خيراً له أن لا يتصدق بكل ماله، فليبقِ له بعض الشيء، حتى يستعين به في حاجاته وحاجات أهل بيته، وهذا ليس فيه نذر، وإنما يشاور النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقول: يا رسول اللَّه إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة. فقال له النبي: «أمسك بعض مالك فهو خير لك»، وفي حديث أبي لبابة قال: «أمسك الثلث» [1]، هذا يدل على أن الإنسان يُشرع له أن لا يتصدق بجميع ماله، حتى لا يبقى فقيراً، بل يُمسك بعض ماله، هو خير له.
قال جماعة من أهل العلم: إلا أن يكون له سبب يستغني به كالتجارة، والصناعة، تقوم بحاله، فلا بأس أن يتصدق بكل ماله، كما فعل الصديق - رضي الله عنه -، فإن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أنفق جميع ماله في نصرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والدفاع عن دين اللَّه، وأثنى اللَّه عليه في ذلك وأثنى عليه، رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وكان يتَّجر بالكسب، يستغني به، فإذا كان الإنسان عنده مال، وعنده كسب تجارة، أو صناعة، أو نجارة، أو حدادة، أو شبه ذلك، مما يدرُّ عليه، من المبيعات، وأراد أن يُنفق المال الموجود، ويكتفي بالكسب اليومي أو الشهري الذي [1] أخرج مقاتل بن سليمان في تفسيره، 1/ 112: «وأنزل في قول عمرو [بن الجموح]: يا رسول الله، كم ننفق من أموالنا؟ وعلى من ننفق؟ قول الله - عز وجل -: {قل العفو}، يعني فضل قوتك، فإن كان الرجل من أصحاب الذهب، والفضة: أمسك الثلث، وتصدق بسائره، وإن كان من أصحاب الزرع والنخل أمسك ما يكفيه في سنته وتصدق بسائره، وإن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه يومه ذلك، وتصدق بسائره».
اسم الکتاب : الإفهام في شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 736