اسم الکتاب : الإفهام في شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 227
يؤمهم غيره، كانوا يرونه أقرأهم, فاشتكوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اسألُوهُ لماذا يَقْرأ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مع غيرها، ولم يكتفِ بهَا، فَسَأَلُوهُ قَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا، فَقَالَ - عليه الصلاة والسلام -: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ» ([1])،
يعني كما أحب أسماءه وصفاته، وفي اللفظ الآخر قال: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» (2)
, هذا يدل على أنه يجوز أن يقرأ في الركعة سورتين أو أكثر، لا بأس من قرأ (الفاتحة)، وقرأ بعدها (والسماء ذات البروج)، أو قرأ (والسماء والطارق) أو قرأ فيها بـ (إذا زلزلت)، و (العاديات)، و (القارعة) لا حرج، هذا الإمام الذي قرأ (قل هو اللَّه أحد)، ثم معها زيادة لا بأس بذلك، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب يقرأ سورة واحدة مع الفاتحة، وجاء عن ابن مسعود ما يدل على أنه ربما قرأ ثنتين [3]، فالأمر في هذا واسع، كما فعله [1] البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد اللَّه تبارك وتعالى، برقم 7375، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة قل هو اللَّه أحد، برقم 813 ..
(2) هذا حديث آخر غير حديث الباب، وهو في صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الجمع بين السورتين في ركعة، برقم 774، ولفظه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يُقْرَأُ بِهِ، افْتَتَحَ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأُ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَامُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» .. [3] البخاري، كتاب الأذان، باب الجمع بين السورتين في ركعة، برقم 775، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ، وهو الإفراط في السرعة، وإباحة سورتين فأكثر في ركعة، برقم 822.
اسم الکتاب : الإفهام في شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن باز الجزء : 1 صفحة : 227