اسم الکتاب : الفقه الإسلامي وأدلته المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 594
الشرط الثالث ـ طلب الماء: يشترط لجواز التيمم باتفاق المذاهب الأربعة طلب الماء ما لم يتيقن عدم وجوده؛ لأنه لا يسمى فاقد الماء (أو غير واجده أوعادمه) إلا إذا طلب الماء، فلم يجده. لكن الفقهاء اختلفوا في تقدير المسافة التي يلزم طلب الماء فيها، وقد أشرت إليها سابقاً في بحث أسباب التيمم، وأذكرها هنا تفصيلاً:
1 - مذهب الحنفية [1]: على المقيم في البلد طلب الماء قبل التيمم مطلقاً، سواء ظن قربه أو لم يظن، أما المسافر أو خارج المصر الذي يريد التيمم، فليس عليه طلب الماء إذا لم يغلب على ظنه أن بقربه ماء؛ لأن الغالب عدم الماء في الفلوات.
وإن غلب على ظنه وجود الماء، لم يجز له التيمم حتى يطلبه بنفسه أو برسوله، بمقدار غَلْوة سهم من كل جانب، ولا يبلغ ميلاً [2]، وظاهره أنه لا يلزمه المشي، بل يكفيه النظر في الجهات الأربع، لئلا ينقطع عن رفقته، ودفعاً للحرج عن نفسه، لقوله تعالى إثر آية التيمم: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم} [المائدة:6/ 5]، ولا حرج فيما دون الميل، قال الكاساني: أقرب الأقاويل اعتبار الميل؛ لأن الجواز لدفع الحرج، ثم قال: والأصح أنه يطلب قدر ما لا يضر بنفسه ورفقته بالانتظار.
فإن قصر في طلب الماء، وصلى ولم يطلبه، وجبت عليه الإعادة عند أبي حنيفة ومحمد. [1] البدائع46/ 1 ومابعدها، فتح القدير84/ 1،98، الدر المختار227/ 1 ومابعدها، اللباب 36/ 1. [2] الغلوة مقدار رمية سهم، وهي أربع مئة ذراع (8، 184م) والميل في اللغة: منتهى مد البصر، والمراد به ههنا: أربعة آلاف خطوة: أو ثلث فرسخ، أو1848م.
اسم الکتاب : الفقه الإسلامي وأدلته المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 594