اسم الکتاب : الفقه الإسلامي وأدلته المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 119
الفرع الخامس ـ أنواع الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب:
لم أجد فيما اطلعت عليه من كتب علماء الأصول والفقه بحثاً مستقلا ًبهذا الموضوع، ويمكن وضع ضوابط شرعية للأخذ بأيسر المذاهب من طريق الاسنتباط أوالاستخلاص مما كتبه الأصوليون والفقهاء في بحث التلفيق وتتبع الرخص والتقليد عموماً.
وهذه الضوابط [1] هي ما يأتي:
الضابط الأول: أن يتقيد الأخذ بالأيسر في مسائل الفروع الشرعية الاجتهادية الظنية أي القضايا العملية التي ثبتت أحكامها بطريق ظني أغلبي كأحكام العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات التي ليس فيها نص قطعي أو إجماع أو قياس جلي [2].
وهذا ـ كما بينا ـ هو مجال التقليد والتلفيق. أما غير ذلك فلا يصح الأخذ فيه بالأيسر مثل مسائل العقائد وأصول الإيمان والأخلاق كمعرفة الله تعالى وصفاته وإثبات وجود الله ووحدانيته ودلائل النبوة، ومثل كل ماعلم من الدين بالضرورة ــأي بالبداهة ــ وهو ما أجمع عليه المسلمون ويكفر جاحده أو منكره، في جميع التكاليف الشرعية: عبادات أو معاملات أو عقوبات أو محرمات، كأركان الإسلام الخمسة وحرمة الربا (الفائدة)، والزنا، وحل البيع والزواج والقرض ونحوها مما هو ثابت قطعاً بالإجماع، لا يجوز فيها التقليد والتلفيق أو الأخذ بالأيسر. فلا يباح التلفيق المؤدي إلى إباحة المحرمات كالنبيذ المسكر والزنا مثلاً. [1] الضابط: معناه القاعدة الكلية وجمعه ضوابط ويراد بها هنا القيود التي تحدد نطاق الموضوع. [2] القياس الجلي: هو ماكانت العلة فيه منصوصة، أو غير منصوصة، ولكن قطع فيه بنفي تأثير الفارق بين الأصل والفرع، كقياس الضرب على التأفيف في الحرمة.
اسم الکتاب : الفقه الإسلامي وأدلته المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 119