responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز المؤلف : بدوي، عبد العظيم    الجزء : 1  صفحة : 16
فيما بين دليلين يتعارضان بحيث لا يصح اجتماعهما بحال، وإلا لما كان أحدهما ناسخا والآخر منسوخا، والفرض خلافه، فلو كان الاختلاف من الدين لما كان لاثبات الناسخ والمنسوخ -من غير نص قاطع فيه- فائدة، ولكان الكلام في ذلك كلامًا فيما لا يجنى ثِمرة، إذ كان يصح العمل بكل واحد منهما ابتداء ودواما، استنادا إلى أن الاختلاف أصل من أصول الدين، لكن هذا كله باطل لإجماع، فدل على أن الاختلاف لا أصل له في الشريعة وهكذا القول في كل دليل مع معارضه، كالعموم والخصوص، والاطلاق والتقييد، وما أشبه ذلك، فكانت تنخرم هذه الأصول كلها، وذالك فاسد، فما أدى إليه مثله.
والثالث: أنه لو كان في الشريعة مساغ للخلاف لأدى إلى تكليف مالًا يطاق، لأن الدليلين إذا فرضنا تعارضهما، وفرضناهما مقصودين معًا للشارع: فإما أن يقال إن المكلف مطلوب بمقتضاهما، أوْلا، أو مطلوب بأحدهما دون الآخر، والجميع غير صحيح.
فالأول يقتضي "افعل"، "لا تفعل" لمكلف واحد من وجه واحد، وهو عين التكليف بما لا يطاق.
والثاني باطل، لأنه خلاف الفرض، وكذلك الثالث، إذ كان الفرض توجه الطلب بهما، فلم يبق إلا الأول، فيلزم منه ما تقدم.
والرابع: أن الأصوليين اتفقوا على إثبات الترجيح بين الأدلة المتعارضة إذا لم يمكنْ الجمع وأنه لا يصح إعمال أحد الدليلين المتعارضين جزافًا من غير نظر في ترجيحه جملى الآخبر. والقول بثبوت الخلاف في الشريعة يرفع باب الترجيح جملة، إذ لا فائدة فيه ولا حاجة إليه على فرض ثبوت الخلاف أصلًا شرعيًا لصحة وقوع التعارض في الشريعة، لكن ذلك فاسد، فما أدى إليه مثله" [1].
أقول: لما كانت الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها وإن كثر الخلاف، كما أنها في أصولها كذلك، أحببت أن أكتب كتابًا في الفقه، مقتصرًا

[1] الموافقات للشاطبي (4/ 118 - 122) باختصار.
اسم الکتاب : الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز المؤلف : بدوي، عبد العظيم    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست