اسم الکتاب : رحلة الصديق إلى البلد العتيق المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 128
مُنْقَلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير.
واستحب هذا الدعاء الشافعي، وقال: ما زاد فحسن. ولو وقف عند الباب، ودعا هناك من غير التزام البيت، كان حسناً، فإذا ولى، لا يقفُ ولا يلتفتُ ولا يمشي القهقرى. قال الثعلبي: القهقرى في اللغة: مشية الراجع إلى خلف، حتى قيل: إنه إذا رأى البيت، رجع فودع.
وكذلك عند سلامه على النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف، ولا يمشي القهقرى، بل يخرج، كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة.
وقال ابن الصلاح: إنه إذا فرغ من الدعاء، أتى زمزم، وشرب منها متزوداً متبركاً، ثم عاد إلى الحَجَر، فاستلمه، وقبله، وانصرف. وعند الحنفية: أنه بعد ركعتي الطواف يستحب أن يأتي زمزم، على المشهور من الروايات، ويشرب من مائها، ويمسح رأسه ووجهه وجسده، ويأتي بآداب الشرب، ويدعو عند شربها بما أحب، ثم يأتي الباب، ويقبل العتبة، ويأتي الملتزم، فيضع وجهه وخده الأيمن وصدرَه عليه، ويتشبث بالأستار ساعة يدعو بما أحبَّ، واستحب مالك في رواية: أن يقف في الملتزم ويدعو إذا ودع، واستحب الحنابلة: أن يقبل الحَجَر بعد ركعتي الطواف، ثم يقف في الملتزم، ويلصق به صدره وبطنه وخده الأيمن وذراعيه، ويدعو بالدعاء الذي استحبه الشافعي كما تقدم.
ومذهب الشافعية والمالكية: أنه ينصرف، ويولي ظهره إلى الكعبة، ولا يمشي القهقرى؛ فإنه مكروه، وليس فيه سنة مروية، ولا أثر محكي، وما لا أثر له لا يعرَّج عليه، وقد وافق ابن الكمال وغيره من الحنفية في هذا، وقال أكثر الحنفية: ينبغي أن ينصرف وهو يمشي وراءه ووجهُه إلى البيت متباكياً متحسِّراً على فراق البيت حتى يخرج من المسجد، واختار هذا بعض الشافعية.
وعند الحنابلة وجهان: في أنه يولي ظهره الكعبة إذا أراد الانصراف، أو لا، قد كره ابن عباس قيام الرجل على باب المسجد ناظراً إلى الكعبة إذا أراد الانصراف، وينبغي أن يخرج من ثنية كدا من أسفل مكة اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن
اسم الکتاب : رحلة الصديق إلى البلد العتيق المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 128