اسم الکتاب : صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة المؤلف : كمال ابن السيد سالم الجزء : 1 صفحة : 668
ولهذا لم يحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم الأمة على إهداء ثواب القراءة للأموات، ولم يرشدهم إلى ذلك، ولم يُنقل هذا عن أحد الصحابة -فيما نعلم- وإنما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم للاستغفار للميت فقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل» [1].
فعُلم أن القراءة لا يستفيد بها الميت، وهذا مذهب الشافعي خلافً للجمهور.
زيارة القبور وما يتعلق بها
تشرع زيارة القبور للاتِّعاظ بها وتَذَكُّر الآخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها [تذكركم الآخرة]» [2].
هل تشرع زيارة النساء للقبور؟
للعلماء في هذا ثلاثة أقوال: أحدها: التحريم، والثاني: يكره، والثالث: مباح من غير كراهة وهو رواية عن أحمد وبه قال مالك وبعض الأحناف [3]، وهو الراجح بشرط أن تكون الزيارة لأجل تذكر الموت والآخرة مع تجنب المحرمات، وذلك لأمور:
1 - لحديث أنس -الذي تقدم- «مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال لها: «اتقي الله واصبري ...» [4] فلم ينهها عن الزيارة.
2 - ولزيارة عائشة قبر أخيها، فعن ابن أبي مليكة «أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان نهى ثم أمر بزيارتها» [5].
3 - لقول عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: «كيف أقول يا رسول الله؟ [تعني إذا أتت المقابر] قال: «قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون» [6]. [1] صحيح: أخرجه أبو داود (3221)، وغيره. [2] صحيح: يأتي تخريجه. [3] «تهذيب السنن» لابن القيم (9/ 58 - عون المعبود) بتصرف. [4] صحيح: البخاري (1283)، ومسلم (926). [5] صحيح: الحاكم (1/ 376)، والبيهقي (4/ 78)، وأصله عند ابن ماجه (1569) مختصرًا وهو صحيح. [6] صحيح: مسلم (974)، وأحمد (6/ 221)، وعبد الرازق (6712)، والبيهقي (4/ 79).
اسم الکتاب : صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة المؤلف : كمال ابن السيد سالم الجزء : 1 صفحة : 668