اسم الکتاب : صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة المؤلف : كمال ابن السيد سالم الجزء : 1 صفحة : 145
[2] - حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابًا وفيه: «لا يمسُّ القرآن إلا طاهر» [1].
قلت: ويُجاب عما استدلوا به بما يلي:
1 - أما الآية الكريمة فلا يتم الاستدلال بها إلا بعد جعل الضمير في (يمسهُّ) راجعًا إلى القرآن، والظاهر الذي عليه أكثر المفسِّرين أنه عائد على الكتاب المكنون الذي في السماء وهو اللوح المحفوظ، والمطهرون: هم الملائكة، ويُشعر بهذا سياق الآيات الكريمة: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [2]. ويتأيد هذا بقوله تعالى {فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [3].
2 - وأما الحديث فضعيف لا يصلح للاحتجاج، لأنه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد.
وعلى فرض صحته، وأن الضمير في الآية عائد على القرآن، فنقول:
«الطاهر» من المشتركات اللفظية، فيطلق على المؤمن، وعلى الطاهر من الحدث الأكبر، وعلى الطاهر من الحدث الأصغر، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، فرجعت المسألة إلى المقرر في الأصول:
فمن أجاز حمل المشترك اللفظي على جميع معانيه، حمله عليها هنا، لن لما كان إطلاق اسم النجس على المؤمن المُحدِث أو الجنب لا يصح لا حقيقة ولا مجازًا ولا لغة لقوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن لا ينجس» [4] وثبت أن المؤمن طاهر دائمًا، امتنع أن يتناوله الآية والحديث، فيتعين حمل اللفظ على من ليس بمشترك، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [5]. ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو. [1] سورة الواقعة، الآيات: 77 - 79. [2] سورة عبس، الآيات: 13 - 16. [3] صحيح: أخرجه البخاري (279)، ومسلم (371). [4] سورة التوبة، الآية: 28. [5] مستفاد من «نيل الأوطار» (1/ 260 - دار الحديث).
اسم الکتاب : صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة المؤلف : كمال ابن السيد سالم الجزء : 1 صفحة : 145