اسم الکتاب : صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة المؤلف : كمال ابن السيد سالم الجزء : 1 صفحة : 139
الشيباني، وهو قول ابن عباس وطاوس والحسن وعطاء، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية [1]، وهو الراجح.
الثالث: أن المس ينقض إذا كان بشهوة، وهو مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه [2].
قلت: عمدة ما استدل به القائلون بنقض الوضوء من مس المرأة، قوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [3] وصح عن ابن مسعود وابن عمر «أن المس ما دون الجماع» [4].
لكن خالفهما حبر الأمة ابن عباس فقال: «المسُّ واللمس والمباشرة: الجماع ولكن الله يكني ما شاء بما شاء» [5] ولا شك أن تفسيره مقدم على غيره، ثم إن في الآية نفسها دليلاً عليه، فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا} [6]. هذه طهارة بالماء عن الحدث الأصغر، ثم قال: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} وهذه طهارة بالماء عن الحدث الأكبر، ثم قال: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}. فقوله {فَتَيَمَّمُوا} هذا بدل عن الطهارتين، فكان قوله {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} بيان سبب الصغرى، وقوله {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} بيان سبب الكبرى [7].
ولْيُعلم أن تأويل الشافعي نفسه لمعنى المسِّ في الآية الكريمة لم يكن من منه على سبيل الجزم والقطع، بل الظاهر عن عبارته أنه ذكره على شيء من الحذر [8] فقال في «الأم» ([1]/ 12) بعد ذكر الآية:
«فأشبه أن يكون أوجب الوضوء من الغائط وأوجبه من الملامسة وإنما ذكرها [1] «المبسوط» (1/ 68)، و «البدائع» (1/ 30)، و «الأوسط» (1/ 126)، و «مجموع الفتاوى» (21/ 410). [2] «المدونة» (1/ 13)، و «حاشية الدسوقي» (1/ 119)، و «المغنى» (1/ 192)، و «كشاف القناع» (1/ 145). [3] سورة المائدة، الآية: 6. [4] صحيح: «تفسير الطبري» (1/ 502) بأسانيد صحيحة. [5] إسناده صحيح: أخرجه الطبري (9581)، وابن أبي شيبة (1/ 166). [6] سورة المائدة، الآية: 6. [7] «الشرح الممتع» (1/ 239)، ونحوه في «الأوسط» (1/ 128). [8] أفاده الشيخ مشهور -حفظه الله- في تحقيقه «للخلافيات» (2/ 217).
اسم الکتاب : صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة المؤلف : كمال ابن السيد سالم الجزء : 1 صفحة : 139