فجميع أوامر الله عز وجل قرة العيون، وسرور القلوب، ولذة الأرواح.
والمخلوق كله ليس بيده شيء، وليس عنده لنفسه ولا لغيره نفع ولا ضر، ولا عطاء ولا منع، بل ذلك كله بيد الذي خلقه.
وتعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه، ومن أحب غير الله حباً تاماً فلا بد أن يسأمه أو يفارقه.
ومن أحب شيئاً لغير الله فلا بد أن يضره محبوبه، ويكون سبباً لعذابه في الدنيا والآخرة، والضرر حاصل له إن وَجد أو فَقد.
فإن وجد حصل له من الألم أكثر من اللذة، وإن فقد تعذب بالفراق وتألم.
والخلق كلهم لن ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
ولن ينفعوك أو يضرك إلا بإذن الله فلا تعلق بهم رجاءك، والعابد حقاً من جمع في عبادته بين المشهدين:
الأمر الشرعي .. والأمر الكوني، وعلى هذين المشهدين مدار الدين.
فإن العبد إذا شهد عبوديته لربه، لم يكن مستبغضاً لأمر سيده، لا يغيب بعبادته عن معبوده، ولا يغيب بمعبوده عن عبادته.
بل يكون له عينان مبصرتان، ينظر بأحدهما إلى معبوده كأنه يراه، وينظر بالأخرى إلى أمر سيده، فيوقعه على الوجه الشرعي الذي يحبه مولاه ويرضاه.
وتلك عبادة الرسل، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التعبد بها.
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ