اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 330
المطلب الثاني: حكم من ترك صوم شهر رمضان متعمداً كسلاً وتهاوناً
من ترك صوم شهر رمضان متعمداً كسلاً وتهاوناً ولو يوماً واحداً منه، بحيث إنه لم ينو صومه من الأصل، فقد أتى كبيرةً من كبائر الذنوب، وتجب عليه التوبة، وإلى هذا ذهب عامة أهل العلم [1]، واختلفوا هل عليه القضاء أم لا؟ على قولين:
القول الأول: عليه القضاء [2]، وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك [3]، وبه أفتى ابن باز [4].
القول الثاني: لا يلزمه القضاء، وهو مذهب الظاهرية [5]، واختاره ابن تيمية [6]، وابن عثيمين [7].
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قول الله تعالى: وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة: 229]
وجه الدلالة:
أنَّ ترْكَ صوم رمضان من تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يُقبل منه.
ثانياً: من السنة:
عموم حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)). أخرجه البخاري ومسلم (8)
فالقاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين لا تقبل من صاحبها، إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر، وعليه فمن ترك صوم رمضان لا يقبل منه لو صامه قضاء.
ثالثاً: القياس:
فكما لو أنه قدم هذه العبادة على وقتها - أي فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً. [1] ((الكافي لابن عبد البر)) (2/ 1092)، ((مواهب الجليل للحطاب)) (3/ 276)، ((المجموع للنووي)) (3/ 14)، ((مغني المحتاج للخطيب الشربيني)) (1/ 420)، ((بدائع الصنائع للكاساني)) (2/ 75)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي)) (1/ 195)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 332). ونقل المناوي عن الذهبي قوله: (وعند المؤمنين مقرَّرٌ أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا عرض أنه شر من المكاس والزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال) ((فيض القدير)) (4/ 410 - 411). [2] وذلك لأن ذمته مازالت مشغولةً بأداء الصوم المفروض عليه. [3] قال ابن عبد البر: (وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم رمضان عامداً وهو مؤمن بفرضه وإنما تركه أشراً وبطراً تعمد ذلك ثم تاب عنه، أن عليه قضاءه) ((الاستذكار)) (1/ 77). [4] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (3/ 331، 332، 333 - 334). [5] قال ابن رجب: (ومذهب الظاهرية أو أكثرهم: أنه لا قضاء على المتعمد، وحكي عن عبد الرحمن صاحب الشافعي بالعراق، وعن ابن بنت الشافعي، وهو قول أبي بكر الحميدي في الصوم والصلاة إذا تركهما عمداً، أنه لا يجزئه قضاؤهما، ذكره في عقيدته في آخر مسنده، ووقع مثله في كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين، منهم: الجوزجاني وأبو محمد البربهاري وابن بطة) ((فتح الباري لابن رجب)) (3/ 355)، وانظر ((الاختيارات الفقهية لابن تيمية)) (ص 404). [6] قال ابن تيمية: (وتارك الصلاة عمداً لا يشرع له قضاؤها ولا تصح منه بل يُكثر مِن التطوع، وكذا الصوم، وهو قول طائفة من السلف، كأبي عبد الرحمن صاحب الشافعي وداود وأتباعه وليس في الأدلة ما يخالف هذا بل يوافقه) ((الاختيارات الفقهية)) (ص 404). [7] قال ابن عثيمين: (أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر فالراجح أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً؛ إذ أنه لن يقبل منه، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 89 - 90).
(8) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) واللفظ له.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 330