اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 779
هل يد المرتهن هي يد أمانة أو يد ضمان؟ فيه اتجاهان: الأول للحنفية , والثاني للجمهور.
مذهب الحنفية:
يد المرتهن يد أمانة بالنظر لعين المال المرهون , ويد استيفاء أو ضمان بالنسبة لمالية المرهون فيما يقابل الدين من مالية الرهن.
والمعنى أن ما يساوى الدين من مالية الرهن , تعتبر يد المرتهن عليه يد ضمان أو استيفاء , فإذا امتنع رد المرهون لصاحبه بسبب هلاك أو غيره , كان المرتهن مستوفيا من دينه هذا المقدار , واحتسب من ضمانه , وأما ما زاد من قيمة الرهن على الدين فهو أمانة , يهلك هلاك الأمانة فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير.
وأدلتهم أنه روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن المبارك عن مصعب بن ثابت قال سمعت عطاء يحدث أن رجلا رهن عند رجل فرسا بحق له , فنفق (مات) الفرس في يد المرتهن , فاختلفا وترافعا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للمرتهن: ذهب حقك.
وكذلك عمل الحنفية بحديث: إذا عمي الرهن فهو بما فيه وقالوا: معناه إذا اشتبهت قيمته بعد هلاكه , بأن قال كل: لا أدرى كم كانت قيمته , ضمن بما فيه من الدين.
وقالوا أيضا: وإجماع الصحابة والتابعين رضي الله عنهم على أن الرهن مضمون مع اختلافهم في كيفيته , والقول بالأمانة خرق له وروي عن ابن عمر وابن مسعود أنهما قالا: (الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين) .
مذهب الجمهور:
أن يد المرتهن على المرهون يد أمانة , فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير , ولا يسقط شيء من الدين بهلاك الرهن.
واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: الرهن من صاحبه الذي رهن , له غنمه وعليه غرمه أي أن للراهن زوائد الرهن ومنافعه وعليه نقصانه وهلاكه , فيد المرتهن على المرهون أمانة لا يضمنه إذا هلك في يده , فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم غرم الرهن - ومنه هلاكه - على الراهن , وإنما يكون غرمه عليه إذا هلك أمانة , لأن عليه قضاء دين المرتهن , أما إذا هلك مضمونا كان غرمه على المرتهن , حيث سقط حقه , لا على الراهن.
ثم إن وجود المرهون في يد المرتهن حدث برضا الراهن , فكان بسبب الرضا أمينا , كالوديع بالنسبة للمودع.
وقد ورد في كتاب الأم للإمام الشافعي أن الحديث الشريف الذي يستشهد به الحنفية والذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم للمرتهن ذهب حقك قد لا يصلح حجة لأن علماء الحديث قد ضعفوه.
إلا أن المالكية بالرغم من قولهم بأن يد المرتهن يد أمانة , استحسنوا تضمين المرتهن عند وجود التهمة وهي عندما يكون الرهن مما يغاب عليه (أي يمكن إخفاؤه) كالحلي والثياب والكتب والسلاح والسفينة وقت جريها , ونحوه مما يمكن إخفاؤه وكتمه , إذا كان المرهون بيد المرتهن , لا بيد أمين (عدل) ولم تقم بينه (شهادة اثنين مثلا) أو شاهد مع يمين المدعي على احتراقه أو سرقته أو تلفه , بلا تعد ولا إهمال من المرتهن.
أما إذا كان المرهون مما لا يغاب عليه (لا يمكن إخفاؤه) كالعقار والحيوان , أو كان الرهن بيد أمين , أو قامت بينة على تلفه بلا تعد ولا تقصيرا وإهمال من المرتهن , فلا يضمنه المرتهن عند هلاكه.
اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 779