responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 727
أن يكون المرهون عينا
يشترط جمهور الفقهاء أن يكون المرهون عينا , فلا يصح رهن الدين , ولو لمن هو عليه لأنه غير مقدور على تسليمه ولأن القبض شرط للزوم الرهن لقوله تعالى {فرهان مقبوضة} ولا يرد ذلك على الدين.
كما لا يصح عند الجمهور رهن المنفعة كسكنى الدار وركوب السيارة مدة معينة , لأن المنفعة عند الحنفية ليست بمال , وعند غير الحنفية ليست مقدورة التسليم لأنها غير موجودة وقت العقد , ثم إذا وجدت فنيت ووجد غيرها , فهي تستهلك بمرور الزمن , ولا يكون لها استقرار ولا ثبوت , فلا يتحقق القصد من الرهن إذ لا يمكن تسليمها ولا وضع اليد عليها ولا بقاؤها إلى حلول أجل الدين أو وقت الاستيفاء.
أما المالكية فتتسع عندهم دائرة الرهن , فكما يصح أن يكون المرهون عينا يجوز أن يكون كذلك منفعة , وعبارة المالكية الرهن: شيء متمول يؤخذ من مالكه , توثقا به , في دين لازم , أو صار إلى اللزوم , أي أنه تعاقد على أخذ شيء من الأموال عينا كالعقار والحيوان والعروض (السلع) أو منفعة , على أن تكون المنفعة معينة بزمن أو عمل , وعلى أن تحسب من الدين.
وهم قالوا بصحة ذلك قياسا على البيع.

أن يكون المرهون قابلا للبيع عند حلول الأجل
يشترط عند جمهور الفقهاء أن يكون المرهون قابلا للبيع عند حلول الأجل لأن القصد من عقد الرهن هو استيفاء الدائن لحقه من ثمن المرهون عند تعذر أخذه من المدين , فيجب أن يكون مالا متقوما معلوما , مقدور التسليم. فلا يصح رهن ما ليس بمال كالميتة والدم , ولا رهن الخمر والخنزير لأنه غير متقوم ولا رهن المجهول , ولا رهن معجوز التسليم غير الموجود عند إبرام عقد الرهن , مثل رهن ما يثمر الشجر هذا العام , أو ما تلد الأغنام هذه السنة , أو رهن الطير الطائر والحيوان الشارد ونحوه. ولا يصح رهن المال العام أو الموقوف , لأنه غير صالح للبيع.
وذهب الحنابلة في الأصح عندهم وابن القاسم وابن الماجشون المالكيان إلى: أنه يستثنى من قاعدة (ما لا يصح بيعه لا يصح رهنه) الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع , ورهن الزرع الأخضر بلا شرط القلع , ورهن الشارد والضال من الحيوان , لأن النهي عن البيع , إنما كان لعدم الأمن من العاهة أو للغرر والخطر ولهذا أمر الشرع بوضع الجوائح , وهذا المعنى مفقود في الرهن , لأن الدين في ذمة المدين الراهن , والغرر أو الخطر قليل في الرهن ,. لأنه إذا تلف المرهون لا يضيع حق المرتهن من الدين , وإنما يعود الحق إلى ذمة الرهن. وإذا لم يتلف المرهون بأن أدرك الزرع , وأثمر الثمر , وعاد الضال , تحققت منفعة المرتهن , فيباع متى حل الحق , ويؤخر البيع متى اختار المرتهن. فيجوز ارتهان ما لا يحل بيعه في وقت الارتهان , ولا يباع إلا إذا بدا صلاحه , وإن حل أجل الدين.

أن يكون مملوكا للراهن محوزا
وهذا ليس شرطا لجواز أو صحة الرهن , وإنما هو عند الحنفية والمالكية شرط لنفاذ الرهن , وبه يعرف حكم رهن مال الغير.
فيجوز رهن مال الغير بغير إذن بولاية شرعية كالأب والوصي , يرهن مال الصبي بدينه , وبدين نفسه.
ويجوز رهن مال الغير بإذنه , كالمستعار من إنسان ليرهنه بدين على المستعير.
فإن لم يكن هناك إذن من المالك بالرهن , كان الرهن كالبيع موقوفا على الإجازة , فإن أجاز نفذ وإلا بطل.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يصح رهن مال الغير بغير إذنه , لأنه لا يصح بيعه , ولا يقدر على تسليمه , ولا على بيعه في الدين فلم يجز رهنه كالطير الطائر , والحيوان الشارد.
فإن رهن شيئا يظنه لغيره , ثم تبين أنه لأبيه وأنه قد مات , وصار ملكا له بالميراث , صح الرهن عند الحنابلة وفي وجه عند الشافعية , إذ العبرة في المعاملات بما في نفس الأمر.
والمنصوص عند الشافعية: أن العقد باطل , لأنه عقد والعاقد لاعب فلم يصح فإن استعار الراهن الشيء ليرهنه , جاز عند أئمة المذاهب اتفاقا , لأنه بالاستعارة يقبض ملك غيره لينتفع به وحده من غير عوض وهو شأن الإعارة.
فهي جائزة لتحصيل منفعة واحدة من منافع العين المستعارة.
هذا واشترط الحنفية أن يكون المرهون محوزا , وقالوا لا يجوز رهن نصف دار أو ربع سيارة ولو من الشريك ويجوز رهن المشاع عند الجمهور.
وسبب الخلاف: هل تمكن حيازة المشاع أو لا تمكن؟ يرى الحنفية أنه لا يجوز رهن المشاع سواء كان محتملا القسمة , أو غير محتمل القسمة , من الشريك أو غيره.
والصحيح أن الرهن حينئذ فاسد , يضمن بالقبض , لأن القبض شرط تمام العقد ولزومه , لا شرط جوازه وانعقاده.
ودليلهم أن الرهن يستوجب ثبوت يد الاستيفاء , واستحقاق الحبس الدائم للمرهون , والحبس الدائم لا يتصور في المشاع , لما فيه من مهايأة في حيازته , وكأن الراهن قد رهنه يوما ويوما لا , فلم يصح سواء فيما يقبل القسمة أم ما لا يقبلها , ولو من الشريك لوجود المهايأة في الحيازة.
بل إن قبض أو حيازة الجزء الشائع وحده لا يتصور , والجزء الآخر ليس بمرهون , فلا يصح قبضه , والشيوع يمنع تحقق قبض الجزء الشائع , سواء فيما يقبل القسمة وما لا يقبلها , بخلاف الهبة حيث تصح فيما لا يحتمل القسمة للضرورة , لأنها تفيد الملك , والشيوع لا ينافيه , فاكتفي بالقبض الممكن.
وهذا الحكم سواء أكان الشيوع مقارنا لعقد الرهن أم طارئا عليه , فإذا طرأ الشيوع على الرهن أفسده , وروي عن أبي يوسف أن الشيوع الطارئ على العقد لا يفسده , لأنه يغتفر في البقاء مالا يغتفر في الابتداء , كالهبة التي يطرأ عليها الشيوع بعد القبض فلا يفسدها.
وأجيب بأن العلة في المنع كون الشيوع مانعا من تحقق القبض وهذا يستوي فيه الابتداء والبقاء , بخلاف الهبة , لأن الملك لا يتنافى مع الشيوع.
ويرى الجمهور أنه يصح رهن المشاع أو هبته أو التصدق به أو وقفه , كرهن كله , من الشريك وغيره , ومحتملا القسمة أم لا , لأن كل ما يصح بيعه يصح رهنه , ولأن الغرض من الرهن استيفاء الدين من ثمن المرهون ببيعه عند تعذر الاستيفاء من غيره , والمشاع قابل للبيع , فأمكن الاستيفاء من ثمنه , والقاعدة عندهم: كل ما جاز بيعه جاز رهنه من مشاع وغيره.
وأما كيفية الحيازة , ففيه رأيان: يرى المالكية أنه يجب قبض جميع ما يملكه الراهن , ما رهنه وما لم يرهنه , لئلا تجول يد الراهن فيما رهنه , فيبطل الرهن.
فإن كان الجزء غير المرهون , غير مملوك للراهن , اكتفى بحيازة الجزء المرهون.
ولا يستأذن الراهن شريكه , في رهن حصته , إذا لا ضرر على الشريك.
وهذا قول ابن القاسم المشهور.
نعم يندب الاستئذان لما فيه من جبر الخواطر ,
وقال أشهب يجب استئذانه.
ويرى الشافعية والحنابلة أن قبض المشاع في العقار يكون بالتخلية , وان لم يأذن الشريك , وفي والمنقول يكون بالتناول.
ويشترط فيه إذن الشريك , ولا يجوز نقله بغير إذن الشريك.
فإن أبى ورضي المرتهن بكونه في يد الشريك , جاز وناب عنه في القبض.
وإن تنازع الشريك والمرتهن , عين الحاكم عدلا يكون في يده , إما أمانة أو بأجرة.
وتجرى المهايأة بين المرتهن والشريك كجريانها بين الشريكين.

اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 727
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست