responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 115
اتفق الفقهاء على أن عقد الإجارة عقد لازم لأنه من عقود المعاوضات التي يتم فيها مبادلة مال بمنفعة , واللزوم أصل في المعاوضات كما هو مقرر عند العلماء.
واستدل الفقهاء لذلك بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وهذا دليل لزوم العقد إذ الفسخ من جانب واحد ليس من الوفاء بالعقد.
ولكن قال الفقهاء أن عقد الإجارة يفسخ لسببين: العيوب والأعذار.

فسخ عقد الإجارة بالعيوب
المقصود بالعيب هو ما تنقص به المنفعة ويظهر به تفاوت في الأجرة , واتفق الفقهاء أنه متى حدث عيب يخل بالانتفاع كان المستأجر بالخيار بين الإبقاء على الإجارة ودفع كامل الأجرة وبين فسخها , كما إذا حدث بالدابة المؤجرة مرض أو عرج أو حدث خلل أو عطل في محرك السيارة أو انهدم بعض بناء الدار وغير ذلك من العيوب في إجارة منافع الأعيان , وكذلك مثل أن يحصل في إجارة منافع الأشخاص ضعف في البصر أو جنون أو برص للشخص المستأجر للخدمة.
والشرط في جواز فسخ العقد للعيب هو تأثيره في المنافع أما إذا لم يؤثر فيها بالنقص فلا يثبت حق الفسخ , ويستوي في ذلك حدوث العيب قبل العقد أو بعده لأن عقد الإجارة على المنافع وهي تحدث شيئا فشيئا , فإذا حدث العيب بالشيء المستأجر , كان هذا عيبا قبل القبض فيوجب الخيار كما في عقد البيع.
فالشرط لبقاء عقد الإجارة لازما هو إذن سلامة العين المؤجرة عن حدوث عيب يخل بالانتفاع بها. فإذا حدث عيب ولكنه زال قبل أن يفسخ المستأجر العقد بأن صح المريض مثلا أو زال العرج عن الدابة أو بني المؤجر ما سقط من الدار , ففي هذه الحالة يبطل خيار المستأجر بالفسخ لأن الموجب للخيار قد زال , والعقد قائم فيزول الخيار.
والمستأجر يمارس الفسخ إذا كان المؤجر حاضرا أثناء الفسخ فإن كان غائبا فحدث بالشيء المستأجر ما يوجب الفسخ فليس للمستأجر الفسخ , لأن فسخ العقد لا يجوز إلا بحضور العاقدين أو من يقوم مقامهما. أما في حالة سقوط الدار أو انهدامها , فللمستأجر أن يخرج منها , سواء أكان المؤجر حاضرا أم غائبا , وهذا دليل الانفساخ.

فسخ عقد الإجارة بالأعذار
معنى العذر هو عجز العاقد عن المضي في موجب العقد إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق بالعقد.
والفرق بين العيب والعذر يتمثل في كون العيب هو ما ينقص منافع العين المعقود عليها بحيث لا تعد صالحة للانتفاع , أما العذر فهو الذي لا ينقص من المنافع ولكن يترتب على تنفيذ العقد معه ضرر على أحد العاقدين.
وخلافا عن جمهور العلماء الذين قالوا بأن الإجارة عقد لازم كالبيع , والعقود اللازمة لا يجوز فسخها بالعذر , فلا تفسخ الإجارة عندهم إلا بوجود عيب أو ذهاب محل استيفاء المنفعة.
ذهب الحنفية إلى أن الإجارة تفسخ بالأعذار لأن الحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر , فلو لزم العقد عند تحقق العذر للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد. قال ابن عابدين كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله , يثبت له حق الفسخ.

والحنفية قسموا الأعذار الموجبة للفسخ إلى ثلاثة أنواع:
1 عذر من جانب المستأجر:
مثل إفلاس المستأجر , أو انتقاله من الحرفة إلى الزرعة أو من الزراعة إلى التجارة , أو من حرفة إلى أخرى لأن المفلس أو المنتقل من عمل لا ينتفع به إلا بضرر , لا يجبر على البقاء في الحرفة الأولى مثلا , ومثله السفر أي انتقال المستأجر عن البلد , لأن في إبقاء العقد مع السفر ضررا به.
ويترتب عليه: أنه إذا لم يحصل النفع للمستأجر إلا بضرر يلحقه في ملكه أو بدنه , فله فسخ الإجارة , كما إذا استأجر رجل صباغا لتنظيف ثياب وكيها أو خياطتها , أو دارا له , أو ليقطع شجرا , أو ليزرع أرضا أو ليحدث في ملكه شيئا من بناء أو حفر , أو ليحتجم أو يفتصد , أو يقلع ضرسا له ونحو ذلك , ثم بدا له ألا يفعل فله أن يفسخ الإجارة ولا يجبر على شيء مما ذكر لأنه تبين له ألا مصلحة له في العمل , فبقي الفعل ضررا في نفسه. . .
2 عذر من جانب المؤجر:
مثل لحوق دين فادح به لا يجد طريقا لقضائه إلا ببيع الشيء المأجور وأدائه من ثمنه.
هذا إذا ثبت الدين قبل الإجارة بالبينة أو بالإقرار , أو ثبت بعد عقد الإجارة بالبينة , وكذا بالإقرار عند أبي حنيفة لأن الظاهر أن الإنسان لا يقر بالدين على نفسه كاذبا.
وقال الصاحبان: لا يقبل ثبوت الدين بالإقرار بعد الإجارة , لأنه متهم في هذا الإقرار.
ومثل أن يشتري المؤجر شيئا ثم يؤجره , ثم يطلع على عيب به , فله أن يفسخ الإجارة , ويرده بالعيب.
ولا يعد السفر أو النقلة عن البلد عذرا للمؤجر يبيح له فسخ الإجارة على عقار , لأن استيفاء منفعة العقار في غيبته لا ضرر عليه فيه.
وأما مرض الحمال والجمال بحيث يضره الحمل , فيعد عذرا في رأي أبي يوسف لأن غير الحمال أو الجمال لا يقوم مقامهما على الدابة أو الإبل إلا بضرر , والضرر لا يستحق بالعقد وهو الراجح.
ويرى محمد في كتاب (الأصل) أن مرض الجمال لا يعد عذرا , لأن خروج الجمال بنفسه مع الإبل غير مستحق بالعقد فإن له أن يبعث غيره معها.
ولعل هذا الرأي بالنسبة لسائق السيارة في عصرنا هو الراجح , لأنه لا يشترط سائق معين.
عذر راجع للعين المؤجرة أو الشيء المأجور:
مثال الأول: أن يستأجر رجل حماما في قرية ليستغله مدة معلومة , ثم يهاجر أهل القرية , فلا يجب عليه الأجر للمؤجر.
ومثال الثاني: أن يوجر رجل خادمه (عبده) سنة , فلما مضت ستة أشهر أعتق العبد , وأبى الخدمة فيكون العبد مخيرا بين الإبقاء على الإجارة أو فسخها.

اسم الکتاب : فقه المعاملات المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست