رابعًا: صعوبات مررنا بها وحلول اعتمدناها أثناء التعامل مع نُسَخ "التبصرة"
من الصعوبات التي واجهتنا عندما جدَّ منَّا العزمُ على تحقيق كتاب "التبصرة" عدمُ وجود نسخة تامة له فيما يُعلَم من الخزانات الخاصة والعامة، وتفرُّق ما يوجد من الأجزاء التي يمكن منها تلفيق نسخة كاملة للكتاب في أنحاء العالم؛ الأمر الذي يكبِّد عناء البحث والسفر، وتجشُّم المشاق لجمع شتات الكتاب من الآفاق.
غير أنَّ صعوبة التعامل مع المخطوطات بعد جمعها لا تقل عن صعوبة الجمع والجلْب، وقد عانى ذلك الأقدمون؛ لما "يعتري نسخَهَا من الاختلاف في كثير من المواضع" كما قال ابن مرزوق [1]، وإن كان هذا حال نُسَخها في زمنه، فما الظنُّ بما وصلنا من النُّسَخ على قلَّتها وسوء حالها، وأخطاء نساخها ومفهرسيها [2]!!
وقد عانينا -في التعامل مع تلك النُّسَخ- العناء الكثير، وفيما يلي نورد نماذج لبعض مشكلات، وما سلكناه في حلِّها باجتهادنا حسبَ الوسع والطاقة: [1] انظر: المعيار المعرب، للونشريسي: 1/ 37. [2] من أخطاء المفهرسين أنهم أدرجوا جزءًا من جامع ابن يونس في خزانة القرويين على أنَّه من أجزاء التبصرة وهو الذي قال العابد الفاسي في وصف مخطوطته: إنها تبدأ بكتاب "الشهادات الأول" وتنتهي بكتاب "الرجم"، وكأنَّه شك في أمرها فقال: "لا أدري الآن هل هذا الجزء متصل بالثالث قبله الذي آخره الجوائح أم بينهما انقطاع، وسيحقق بعدُ إن شاء الله. . .)، كما أن النسخة الشنقيطية الثانية (ش 2) جيء بها إلينا على أنَّها جزء من جامع ابن يونس، وتبيَّنا بعد النظر فيها أنَّها من "التبصرة" فاعتمدناها، وقابلنا عليها.