اسم الکتاب : التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة المؤلف : الجبيري الجزء : 1 صفحة : 119
وإنما لم يجز تعليق البرء بزمان معلوم، لأن البرء لا يتبعض ولا تنـ (ـفـ) ـصل [1] أجزاؤه، [ص52] فيقع لكل جزء منه قسطه من الأجرة، وإنما هو منوط بارتفاع العلة [2] المؤثرة في الجسم، أو في العضو المؤلم، فإذا ارتفع التأثير خلفه البرء [3].
وما كان هذا وصفه من الأعمال المستأجر عليها فلا جائز أن يعلق بأجل لما في ذلك من إبطال غرض المستأجر، وأكل ماله بالباطل.
لأن غرض العليل البرء من علته، والبرء غير معلوم الكون فيعلق بزمان يكون فيه.
وكذلك المستأجر على الحج، لا يكون حاجا كامل الحج إلا باستيفاء جميع مناسكه، كما أن الأسير لا ينفك من ذل الأسر بافتكاك بعضه.
وفي تعليق معالجة العليل، وفك الأسير بالأجل إبطال لغرض المستـ (ـأ) جر [4] وإتلاف لماله من غير عوض يعتاضه منه، وهذا من أكل المال بالباطل.
وقد قال الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل".
ولم يختلف قول مالك وابن القاسم في أن هذه الإجارة إذا علقت بزمان أنها لا تجوز، إلا بشرط أن يكون للمستأجر فسخ ذلك متى شاء.
فدل ذلك على أن الأجل لا يوجب حكما لم يكن واجبا قبله، وإذا كان كذلك فلا معنى لتعليق العمل به.
وقد سئل مالك رحمه الله عن الطبيب يستأجر على البرء بالأجر المعلوم فقال: "لا بأس بذلك" [5] وهو شأن العلاج، يريد - والله أعلم - أن اشتراط البرء في معالجة [1] ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه. [2] كتبت هذه الكلمة في الهامش بخط مغاير، لأن في الأصل بتر هنا. [3] هنا بتر قليل لكن معالم الكلمة لازالت ظاهرة. [4] ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه. [5] في المدونة (11/ 422) باب إجارة الأطباء: قال في الأطباء إذا استأجروا على العلاج فإنما هو على البرء، فإن برأ فله حقه وإلا فلا شيء له. اهـ.
اسم الکتاب : التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة المؤلف : الجبيري الجزء : 1 صفحة : 119