اسم الکتاب : ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام المؤلف : أبو الأصبغ الجزء : 1 صفحة : 506
فيصالحه منه على سكنى داره سنة أو خدمة عبد مدة، أو على غلة داره قبل أن تعرف الغلة، أو يدعي قبله شعيرًا؛ فيصالحه به بقمح إلى أجل. فقالا: لا يجوز الصلح بشيء مما ذكرت؛ لأنه حرام صراح، والصلح به مفسوخ، فإن فات صحح على قابضه بالقيمة، كما يصح البيع الحرام، يفوت ثم يرجع على صاحبه في دعواه الأولى، إلا أن يستأنفا صلحًا آخر بما يجوز، وهكذا كل صلح حرام يفسخ أبدًا إلا أن يفوت فيصحح كما ذكرنا، واحتجا بالحديث المتقدم.
قال مطرف: وما وقع به الصلح من الأشياء المكروهة التي ليست بحرام صراح، فالصلح بها جائز ماض. وقال ابن الماجشون: يفسخ بحدثانه، وإن طال أمد مضي.
وقول مطرف أحب إلي، وقد رأيت أصبغ يجيزه كله؛ حرامه ومكروهه، وإن عثر عليه بحدثان وقوعه، وقال: هو عندي كالهبة، ألا ترى لو صالحه من دعواه بشخص لم تكن فيه شفعة؛ لأنه كالهبة، قال: وهذا في الحكم، وأما فيما بينه وبين الله فلا يحل له أن يأخذ إلا ما يجوز في التبايع.
قال في: وقد حدثني سفيان بن عيينة أن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أتى بصلح فقرأه. فقال هو حرام، ولولا أنه صلح لفسخته.
قال ابن حبيب: وما قدمت أحب إلى وإلي هذا الخلاف أشار ابن مالك في قوله في جوابه: إن رأيت إمضاء الصلح فلك في ذلك سلف تصغى إلى قوله، ودلالة من الكتاب، ويريد – والله أعلم – عموم قوله تعالى: (والصلح خير) (النساء: من الآية 128) ولم يخص، وكذلك قوله عز وجل: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) (النساء: من الآية 114).
وأما رواية أشهب التي ذكرها ابن القطان فيما بيع من التركة قبل أداء الدين أنه يفسخ، وكذلك في الموازية والمجموعة. وقال سحنون في المجموعة: لا يعجبني والبيع تام، إن كان فيما بقي ما يؤدي الدين منه.
وقد قال مالك رحمه الله فيمن حلف بحرية رقيقة ليقضين حقًا عليه إلى شهر، فهو من بيعهم ممنوع، فإن
باعهم وقضى الدين قبل الأجل مضى بيعه؛ لأن اليمين قد زالت بالقضاء.
ووقعت مسألة الحرية في هذا في سماع أصبغ في كتاب العتق، وفي سماع ابن القاسم
اسم الکتاب : ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام المؤلف : أبو الأصبغ الجزء : 1 صفحة : 506