اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 53
المحقق رحمه الله تعالى في كتابه معالم السنن: ما أكثر ما يغلط الناس في هذه المسألة، فأما ابن مزين فقال: الإسلام الكلمة والإيمان العمل واحتج بالآية أعني قوله تعالى: (قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) [الحجرات: 14]
الآية. وذهب غيره إلى أن الإيمان والإسلام شيء واحد واحتج بقوله تعالى: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين، فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) [الذاريات: 35، 36]. قال الخطابي وقد تكلم في هذا الباب رجلان من أكابر أهل العلم وصار كل واحد منهما إلى قول من هذين القولين، ورد الآخر منهما على المتقدم وصنف فيه كتابا يبلغ عدد أوراقه المائتين، قال الخطابي رحمه الله والصحيح في ذلك أن يقيد الكلام في هذا ولا يطلق وذلك أن مسلم قد يكون مؤمنا مسلما في بعض الأحوال فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، فإذا حملت الأمر على هذا استقام لك معنى الآية واعتدل القول فيها ولم يختلف شيء منه وأصل الإيمان التصديق.
وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد فقد يكون المرء مسلما في الظاهر غير منقاد في الباطن وقد يكون المرء صادقا في الباطن غير منقاد في الظاهر.
وما ذكر الشيخ من أن الإيمان يطلق على عمل الجوارح صحيح، دليله قوله تعالى:" وما كان الله ليضيع إيمانكم) [البقرة: 143]
أجمعوا على أن المراد به صلاتكم، وما ذكر أن يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقص الأعمال هو مذهب السلف رضي الله عنهم والمحدثين وجماعة المتكلمين. وروي عن مالك وقيل عكسه. قال جماعة من المتكلمين لأنه متى قبل الزيادة والنقصان، كان شكا وكفرا وقيل يزيد لا ينقص مراعاة للإطلاق الشرعي في ذلك وهو قوله تعالى: (فزادهم إيمانا) [آل عمران: 173]
ولم يرد نقصهم في الشرع وهو قول مالك أيضا، وظاهر كلام بعضهم أنه المشهور عنه وأراد الأولون كما صرحوا به أن المراد بالزيادة والنقصان باعتبار زيادة ثمرات الإيمان وهي الأعمال ونقصانها لا نفس التصديق وهذا إذا تأملت تجده في المعنى موافقا لعكسه والله أعلم.
قال بعضهم إن نفس التصديق يزيد وينقص بكثرة النفر وتظاهر الأدلة ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بخلاف غيرهم كالمؤلفة قلوبهم ومن قاربهم وهذا مما لم يمكن إنكاره ولا يشك أحد في أن نفس تصديق أبي بكر رضي الله عنه لا يساويه تصديق آحاد الناس.
اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 53