اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 51
(وأن الصراط حق يجوزه العباد بقدر أعمالهم فناجون متفاوتون في سرعة النجاة عليهم من نار جهنم وقوم أوبقتهم فيها أعمالهم):
الإيمان بالصراط واجب عند أهل السنة وهو جسر ممدود على متن جهنم أرق من الشعر وأحد من السيف يرده الأولون والآخرون كذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام شهاب الدين القرافي في كتاب الانتقاد في الاعتقاد: لم يصح في الصراط أنه أرق من الشعر وأحد من السيف شيء والصحيح أنه عريض وفيه طريقان يمني ويسرى، فأهل السعادة يسلك يهم ذات اليمين وأهل الشقاوة يسلك بهم ذات الشمال، وفيه طاقات كل طاقة تنفذ إلى طبقة من طبقات جهنم وجهنم بين الخلائق وبين الجنة والجسر على متنها منصوب فلا يدخل أحد الجنة حتى يعبر على جهنم وهو معنى قوله عز وجل على أحد الأقوال (وإن منكم إلا واردها) [مريم: 71]
قلت في قوله لم يصح في الصراط أنه أرق من الشعر وأحد من السيف شيء نظر ففي مسلم عن أبي سعيد الخدري أنه أرق من الشعر وأحد من السيف، ووجه النظر يظهر بما ذكره الإمام الغزالي قال ما نصه: وأما الصراط فهو جسر يضرب على ظهراني جهنم يمر عليه جميع الناس وقد وردت به الأحاديث الصحيحة واستفاضت وهو محمول على ظاهره وفي رواية أنه أرق من الشعر وأحد من السيف.
وقال البيهقي لم أجده في الرواية الصحيحة وإنما يروي عن بعض الصحابة وأشار بذلك إلى ما في مسلم عن أبي سعيد الخدري: بلغني أنه أرق من الشعر وأحد من السيف. قال بعضهم ولو ثبت ذلك لوجب تأويله لتوافق الحديث الآخر في قيام الملائكة على جنبيه وكون الكلاليب والحسك فيه وإعطاء المار فيه من النور قدر موضع قدميه وما هو في دقة الشعر لا يحتمل ذلك فيمكن تأويله بأن مراده أرق من الشعر بأن ذلك يضرب مثلا للخفي الغامض، ووجه غموضه أن يسر الجواز عليه وعسره على قدر الطاعة والمعاصي، وأما تمثيله بحد السيف فلإسراع الملائكة فيه إلى امتثال أمر الله تعالى في إجازة الناس عليه.
واختلف المعتزلة في اثبات الصراط ونفيه وأكثرهم على نفيه وأجازه الجبائي مرة ونفاه أخرى، ومنهم من قال العقل يجوزه ولا يقطع به ومن نفاه تأول ما ورد من الصراط أن المراد به المعنوي لأنه لا يمكن المشي على صفة ما ذكر وهذا من جهلهم أمر ربهم ووقوفهم على معتادهم. وقل سئل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يمشي الكافر على وجهه؟
اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 51