اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 49
لتعذر وزن الأعمال حقيقة، قيل لهم توزن صحائف الأعمال فإن قالوا هذا مجاز وليس مجازكم بأولى من مجازنا قيل لهم هذا أولى لأنه استعمال الحقيقة وضم مجاز إليها وما ذكرتموه ترك للحقيقة فكان قولنا أولى، ويؤيد ذلك أنه لما سئل صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "توزن صحائف الأعمال" والحمل على ما نص عليه السلام أولى من الحمل على غيره.
وقد أجمع السلف الصالح على ذلك وليست المسألة عقلية إنما مأخذها الخبر فالرجوع في ذلك إليه. واختلف هل توزن للكافر أعمال أم لا والأكثر على ذلك لقوله تعالى: (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) [المؤمنون: 102، 103]
فهذا الوزن يعم أهل الإيمان والكفران. وقال بعضهم الكافر لا يوزن له لقوله تعالى: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) [الكهف: 105]
وجوابه لا نقيم لهم وزنا نافعا جمعا بين الآيتين.
واعلم أنه إذا وقع الوزن فيما بين العباد من المظالم والحقوق ونفدت حسنات الظالم من قبل أن يفرغ ما عليه فإنه يؤخذ من سيئات المظلوم وتطرح على الظالم، نص على ذلك في مسلم ولا معارضة بين هذا وبين قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) [الأنعام: 164]
فإن المراد بالآية شخصان لا حق لواحد منهما عند الآخر وأما ها فبذنبه أخذ وبكسبه عوقب. ومعنى ذلك إذا مات وهو قادر على القضاء وأما إذا مات وهو عاجز عنه فإنه لا يطرح عليه من سيئاته شيء نص على ذلك الشيخ عز الدين بن عبدالسلام، فإن لم يكن للمظلوم سيئة كالأنبياء عليهم السلام ولا للظالم حسنة كالكافر فإنه يعطي المظلوم من الثواب بقدر ما يستحقه على الظالم ويزاد في عقوبة الظالم بقدر ما كان يأخذ من المظلوم أن لو كان ثم ما يأخذ.
واختلف العلماء إذا كان المظلوم ذميا والظالم مسلما فقال بعضهم يسقط حقه كالحربي وقال آخرون صار حقا للنبي صلى الله عليه وسلم يطلب به لقوله صلى الله عليه وسلم: "من آذى ذميا كنت خصيمه يوم القيامة".
(ويؤتون صحائفهم بأعمالهم فمن أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ومن أوتي كتابه وراء ظهره فأولئك يصلون سعيرا):
اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 49