اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 372
ولم يقيد بالقرب ولا بالبعد، ونزلت بتونس أيام قضاء ابن قداح في ثور فحكم بأكله وبيان بائعه ذلك، وكانت مسافة هروبه نحوا من ثلاثمائة باع، واختلف في أكل المغلصمة على أربعة أقوال:
فقيل: يحرم أكلها قاله ابن القاسم وأشهب وغيرها وبه كان بعض من لقيناه من القرويين يفتي وهو شيخنا أبو محمد الشبيبي رحمه الله، قال التلمساني: وهو المشهور وقيل: أكلها جائز قاله ابن وهب وابن عبد الحكم وغيرهما وبه الفتوى عندنا بتونس منذ مائه عام مع البيان في البيع، وقيل يكره أكلها حكاه ابن بشير ولم يسم قائله وقيل يأكلها الفقير دون الغني قاله بعض القرويين وأفتى به ابن عبد السلام وليس بسديد.
ولو استؤجر جزار على ذبح شاة فغلصمها فحكي ابن يونس عن بعض شيوخه أنه يضمنها على القول الأول ولا يضمنها على القول الثاني، قلت: وهو مشكل من وجهين.
أحدهما: أن القاعدة عندنا أن كل من فعل مأذونا له فيه فإنه لا يضمن إلا أن يفرط كثاقب اللؤلؤ، ومن استؤجر على نقل جرار، الثاني على تسليم ما قال فالمناسب أن يلزمه قيمة العيب على القول الثاني: لأنه عيبها عليه للخلاف في أكلها.
(وإن تمادى حتى قطع الرأس فقد أساء ولتؤكل):
يعني بقوله تمادى عامدا يدل عليه قوله فقد أساء وإن كانت تؤكل مع العمد فأحرى مع النسيان وغلبة السكين، وما ذكره هو قول ابن القاسم وأصبغ، ولو تعمد ذلك ابتداء وهو أحد التأولين عن مالك، فقيل بمقابله: لا تؤكل مطلقًا قاله ابن نافع، وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: إن تعمد ذلك ابتداء فإنها لا تؤكل لأنه كالعابث بالذكاة حين ترك سنة الذبح، فإن ترامت يده بعد الذكاة فإنها تؤكل وتأول على قول مالك في المدونة فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال ذكرها ابن عبد السلام قائلاً: والأخير منها هو أقرب إلى الصواب واعلم أن لهذه المسألة نظائر منها من غسل رأسه في الوضوء بدلا من مسحه، ومنها من بجبهته قروح تمنعه من السجود فسجد على أنفه ولم يقتصر على الإيماء، وليست منها من وجبت عليه شاة فأخرج عنها بعيرا لعدم المجانسة وإن كان فيها خلاف.
اسم الکتاب : شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة المؤلف : التنوخي، ابن ناجي الجزء : 1 صفحة : 372